ارتفعت نسبة الزواج المبكر في مختلف المناطق السورية خاصة بعد الحرب، عدد كبير من حالات الزواج حصلت، ولكنها غير موثقة بسبب توقف عمل الدوائر الحكومية في مناطق سورية عدّة.
السيدة سهام (اسم مستعار) وهي فتاة من ريف دير الزور وواحدة من اللواتي تزوجن في سن مبكرة، تروي قصتها لمنظمة العدالة من أجل الحياة.
بدأت قصة سهام عندما تفاجأت مثلها مثل أقربائها وصديقاتها بخبر خطوبتها على ابن عمها الذي لم يبلغ العشرين عاماً
“عندما سمعتُ بقرار أهلي بتزويجي لابن عمي تحدثتُ مع والدي لأعبّر عن رفضي للزواج إلا أن إجابة والدي كانت بأن ابن عمي هو نصيبي (باعتبار أن قرار الزواج من ابن العم يكاد يكون حتمياً وقسرياً) وكل فتاة مصيرها الزواج وأن تكون لبيت زوجها وأن جميع النساء ومنهن نساء العائلة قد تزوجن بهذا السن”.
لم تستطيع سهام الدفاع عن رأيها ورغبتها بعدم الزواج خوفاً من والدها وأخوتها التي كانت تجمعهم بها علاقة سطحية يعتبرون فيها الأنثى لا رأي لها ويجب عليها تنفيذ رغبة الأب والأخ دون اعتراض.
تقول سهام:” بعد زواجنا بأسبوعين بدء زوجي يعاملني معاملة لا تليق بإنسان فقد كان عنيفاً جداً وعصبياً ولم أكن أعلم أن طبيعته هكذا فقد كان ضَيِق الخلق ولأبسط الأمور يتغير مزاجه وبالطبع كانت نهاية كل مشكلة مهما كانت صغيرة هو ضرب مبرّح يبقى أثره على جسدي الذي أنهكه التعب والإرهاق”.
تصف سهام فترة زوجها بالقول:” كانت فترة زواجي من أسوأ فترات حياتي لأنني أصبحت شخصاً ضائعاً ولا طاقة لي لتحمل هذا العناء بهذا السن فقد كبرت قبل أواني وعشت هموماً في أجمل سنين عمري، حيث كان زوجي يضربني بشدة لأتفه الأسباب ولم تكن لدي الجرأة لأخبر أهلي بهذا الوضع الذي أعيشه خوفاً من المشاكل العائلية وما قد يترتب عليها من كلام الناس عني”.
تكمل السيدة سهام وصف قصة زواجها المبكر: “عندما بدأت بمرحلة الحمل لم يكن الأمر سهلاً فقد كانت تجربة صعبة وخبرتي قليلة، كان جسدي يتغير وكان يتملكني شعوراً غريباً فكلما ألمس بطني أحس بإحساس الأمومة وأشعر بالحنان والأمان، وهذا الإحساس كان يغير حالتي للأفضل ويدفعني لأتحمل قساوة زوجي وكنت أمنّي النفس بأن وجود الأطفال سيحسن معاملة زوجي لي بعض الشيء، ولكن لم يتغير شيء وعلى العكس تماماً فكل شيء يسير نحو الأسوأ، فقد أصبح لدي طفلان والآن عمري 18 عاماً ومازلت أتعرض للضرب والإهانة والشتم”.
وفق سهام فإنها لم تعد قادرة على تحمّل المزيد من الظلم مع استمرار عنف زوجها المفرط:” كان علي أن أتخذ قراراً مصيرياً، خرجت من المنزل ولا أعرف الى أين ولكن لم أعد أستطيع البقاء في المنزل ويجب أن أرحل، كان منزل أهلي بعيداً عن منزل زوجي فاضطررت للمبيت في البساتين ليلاً ومع ذلك لم يرعبني أي شيء ولم أكن خائفة من تلك الليلة التي قضيتها وحدي ولم أعد أشعر بأي شيء وكل إحساس بداخلي قد مات، انتظرت الى أن حّل الصباح وذهبت الى منزل أهلي مشياً على الأقدام ليأخذ الطريق مني ساعة ونصف”.
تختم السيدة سهام قصتها بالقول:” إن شرط نجاح الزواج هو وعي الطرفين لمسؤوليتهم وقدرتهم على حل خلافاتهم واحترام كل طرف لكرامة الطرف الآخر، وهذا لم يتحقق في زواجي لأنني لم أكن أدرك أصلاً معنى الزواج والمسؤولية وزوجي أيضاً كان في سن المراهقة ويجهل حقوق زوجته، يمكن ألا يتغير شيء بتصرفاته إن كان بسن أكبر، لكن الأكيد لو كنت بسن أكبر عندما تعرضت للضرب والإهانة كنت لن أسمح بذلك كما كنت لن أقدم على إنجاب أطفال وتكوين عائلة”.