قصّة المختفي أمير حامد كما رواها شقيقه على يد قوات تابعة للإدارة الذاتية
المختفي أمير أحمد (المعروف باسم أمير حامد) هو من مواليد العام 1977، من منطقة الدرباسيّة التابعة لمدينة القامشلي في محافظة الحسكة، متزوّج ولديه أربع بنات، كان يعيش مع أسرته ووالدته التي تعاني من إعاقة جسديّة دائمة، و كان يعمل في مجال المهن الحرّة، بالإضافة إلى كونه يملك قطعةً من الأرض يعمل بها، وهو الوحيد بين إخوته الذي آثر البقاء في سوريا، على خلاف أخويه الاثنين اللذين يقيمان في فرنسا.
بتاريخ 11 كانون الثاني/يناير 2014 تمّ اختطاف أمير حامد من منزله الكائن في الدرباسيّة من قبل مجموعة من الملثّمين، وعلى الرغم من أنّ أصابع الاتهام وجّهت إلى عناصر مسلّحة مرتبطة بحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) آنذاك بعد الحادثة مباشرةً، إلّا أنّ ذوو أمير لم يكونوا على دراية كاملة بالجهة التي قامت بالخطف. وبحسب عائلته فإنّ أمير شخص مسالم بطبعه ولم يرتكب أيّ سوء في حياته قد يعرّضه إلى الاعتقال، وتعتقد الأسرة أنّ الخطف حدث على خلفيّة انتقاد أمير لسياسات حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) دون وجود أي تهمة حقيقيّة أخرى وذلك بحسب شقيقه[1].
علم ذوو أمير بتواجده في إحدى أماكن الاحتجاز التي يديرها عناصر مسلّحة مرتبطة بحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) من خلال بعض المعتقلين الذين تمّ الإفراج عنهم من المكان ذاته والتقوا فيه، وأخبروا أسرته أنّ ابنهم محتجز على ذمّة “تحقيق روتيني” وأنه سوف يبقى لمدّة يومين أو ثلاثة قبل الإفراج عنه، ونصحوهم بعدم الاستفسار عن مكان تواجده أو المطالبة به بشكل علني حتّى لا يكون لهذا الأمر أيّ ضررٍ أو ردّات فعل سلبيّة تجاه أمير نفسه، الأمر الذي دفع أهل أمير لالتزام الصمت لمدّة شهر كامل قبل الإعلان عن اختفائه، بحسب شقيقه حسن أحمد، الذي أضاف:
“قرّرنا التزام الصمت لحماية أمير في بادئ الأمر لأنّ الـPYD هي جماعة مسلّحة في النهاية فهي لا تعرف الرحمة ولا الإنسانيّة وهي لا تفهم إلّا بلغة السلاح والقوّة.”
الجدير بالذكر أنّه بعد مضي أسبوع على اختفاء أمير، داهمت عناصر مسلّحة تابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) منزله الآخر الكائن في إحدى قرى ريف الدرباسيّة، وبحسب شقيق أمير فقد قامت العناصر بتفتيش البيت بشكل كامل ونثر محتوياته بحجّة البحث عن أحد الفارّين من سجونهم، ويعتقد أهل أمير أنّ هذا الاقتحام كان هدفه مضايقة الأهل فقط والضغط عليهم نفسيّاً.
بعد مضي شهر كامل على اختفاء أمير وفقدان أهله الأمل من التوصّل إلى أيّة طريقة لإطلاق سراحه، بادروا إلى التواصل مع أحد الصحفيين من أقربائهم لإيصال قصّته إلى الإعلام، وبالفعل تمّ إجراء مقابلة صحفيّة مع شقيق أمير وتمّ نشر الحادثة، ولكن وعلى إثر هذه المقابلة قامت قوّات الأسايش التابعة للإدارة الذاتيّة باعتقال الصحفي الذي أجرى اللقاء لمدّة عشرين يوماً، وبعد الإفراج عن الصحفي رفض التواصل مع أهل أمير وطلب عدم الحديث إليه بشكل كامل وخاصّة حول قصّة اختفاء أمير، وتعتقد أسرة أمير أنّ الصحفي تعرّض للتهديد من قبل قوّات الأسايش.
بدأ الأهل بمحاولة معرفة مصير أمير بشتّى الطرق، فلم تنفع عروض الرشاوي والإغراءات الماليّة على بعض العناصر والوسائط، فاعتمدوا بشكل كليٍّ على التسريبات والأخبار التي تصلهم من بعض المعتقلين الذين تمّ إخلاء سراحهم وكانوا قد التقوا أمير، فالبعض أخبرهم بلقائهم به في أحد سجون المالكيّة/ديريك، والبعض أخبرهم بلقائهم به في عدّة أماكن احتجاز مختلفة تديرها عناصر مسلّحة مرتبطة بحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، حتّى أنّ بعض الشائعات أفادت بتسليمه مع بعض المختطفين إلى النظام.
عانت عائلة أمير الأمرّين بعد اختطافه، فقد اضطرّت إلى اللجوء إلى إقليم كردستان العراق والعيش في مخيّمات اللجوء هناك نتيجة لغياب أمير الذي كان معيلهم الوحيد، وفقدان الأمل بعودته أو معرفة مصيره. وترافق ذلك مع تدهور صحّة والدته التي كانت تعاني من إعاقة دائمة في الأصل. وختم شقيق أمير قائلاً:
“الأثر النفسي كان أشدّ علينا من الأثر المادي، فقد أصبحت حياة العائلة مليئة بالتشاؤم والكوابيس التي تترافق مع الأمل الكاذب الذي يزرع فينا بعد كلّ خبرٍ جديد نسمعه عن أمير، فلو وصلنا خبر مقتله لكان الأمر أسهل علينا من وضعيّة الترقّب وخيبة الأمل والحزن الدائم عليه.“
[1] تمّ اجراء المقابلة مع حسن حامد شقيق أمير حامد بتاريخ 14 تمّوز/يوليو 2017 عبر الإنترنت.