السيدة عيوش (اسم مستعار)، امرأة تبلغ 58 سنة، نازحة من مدينة رأس العين، مقيمة حالياً في مخيم “واشو كاني” شمال غرب مدينة الحسكة، تشكو من إصابتها من صداع صدغي والآلام في الرأس منذ ما قبل النزوح، وبعد النزوح تفاقمت حالتها بسبب الإهمال والفقر. أصبح الألم يتأزم عليها، وبسبب عدم وجود أخصائي في النقاط الطبية في المخيم، اضطرت عائلة عيوش لأخذها إلى طبيب أخصائي في مدينة الحسكة على نفقتهم الخاصة، بعد اقتراض المال من بعض الأصدقاء والأقارب.
وبعد إجراء فحوصات طبيّة شاملة تبيّن أنّها بحاجة لعمل جراحي مستعجل في الرأس بسبب استفحال ورم في الدماغ. وأوضح الطبيب المعالج أنه لا يمكن القيام بهذه العملية في مشافي محافظة الحسكة ولابد من إجرائها في مستشفيات مدينة دمشق، وأن التكلفة المتوقعة تتراوح بين 4-5 مليون ليرة سورية.
لم تتمكن عائلة عيوش من الحصول على المساعدة من المنظمات العاملة في المخيم أو خارجه لتحمل تكاليف العمل الجراحي، مما دفع زوجها للسفر إلى دمشق على نفقته الخاصة.
أجرت عيوش العملية الجراحية في إحدى مستشفيات مدينة دمشق، وتم استئصال الورم. وطلب الأطباء المراجعة المستمرة ولكن بسبب الحاجة المادية لم يستطع ذوي المريضة مراجعة الطبيب. وبعد حوالي خمسة أشهر، بدأت عيوش تعاني من أزمة مرضية بسبب مضاعفات العملية، وقامت بمراجعة طبيب في مدينة الحسكة لإجراء الفحوصات اللازمة.
ختمت السيدة “عيوش” حديثها عن رحلتها مع المرض بتوجهها إلى المنظمات الإنسانية أن تنظر بعين المسؤولية والإنسانية لما يعانيه النازحون والنازحات في مخيمات النزوح ودعت إلى زيادة عدد المراكز الصحيّة المسؤولة التي تغطي تكاليف العلاج.
المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[1]:
- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.
- تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل:
- العمل على خفض معدل موت المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نموا صحيا.
- تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية.
- الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها،
- تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
قصة عيوش هي نموذج عن معاناة النازحين والنازحات من ناحية عدم تقديم الخدمات الصحية الكافية وعدم مراعاة الوضع المعنوي والمادي الذي يعاني منه السكان في ظل هذه الموجة من النزوح القسري. ولا بد من تكثيف الجهود والموارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين داخليا، وخاصة في مجال الرعاية الصحية، وتخصيص الموارد لدعم حلول دائمة للنازحين داخليا، بما في ذلك مبادرات كسب الرزق. كما ويتوجب على الدولة تأمين الرعاية الصحية اللازمة والمراكز الصحية في كل محافظات البلد تجنباً لحصول حالات مثل حالة السيدة عيوش.