هبة (اسم مستعار) امرأة من مدينة دير الزور، تتحدث عن محاولاتها للحصول على حقها في العمل والعقبات التي واجهتها. تسلط قصة هبة الضوء على التحديات والعقبات التي تواجهها العديد من النساء اللواتي يسعين إلى العمل والمساهمة في المجتمع في مواجهة المعتقدات التقليدية والقوالب النمطية الجندرية.
تتحدث هبة عن قصتها قائلة:” غادرتُ مقاعد الدراسة عندما كنتُ في المرحلة الإعدادية لأدخل بعدها بالحياة الروتينية البعيدة عن أي إنتاج أو معرفة جلّ ما فيها من أنشطة زيارة بعض الصديقات أو القريبات كأي شخص سجين يحصل على متنفس كل فترة قصيرة لا يمكنني سوى أن أعد الأيام ريثما أصبحتُ في سن الزواج لأنتقل إلى مكان آخر ومسؤوليات مشابهة لمسؤولياتي الحالية إضافة لتربية الأولاد مثلي مثل أي امرأة أخرى تنحصر مهامها في الأدوار المنزلية”.
بدأت هبة محاولة تحسين ظروفها من خلال التفكير بإيجاد فرصة عمل. تقول عن قراراها:” لم أشعر بالارتياح لوضعي وقررت أن أسعى لتحسين واقعي الحالي وأردت أن أواجه حياتي الروتينية، وكان لابدَّ من الخروج من عباءة بعض العادات والتقاليد التي تقيد المرأة وتجعل منها كائن بلا هدف، وبدأت أفكر بأسلوب حياة جديد مختل فيه شعور بأهمية وجودي كإنسانة منتجة لها دخل مادي يساعدني ويساعد عائلتي على تحسين أحوالهم المعيشية وخاصةً في ظل وضعنا المادي المتردي ،إضافة لضرورة التعرف على أشخاص وأصدقاء جدد أتبادل معهم خبرات الحياة”.
حاولت هبة إقناع عائلتها بفكرة العمل خارج المنزل في مجال لا يتطلب الحصول على شهادة دراسية. تقول هبة:”
عرضتُ مقترحي على عائلتي بالعمل خارج المنزل من أجل أن أكون داعماً إضافياً لهم من ناحية المدخول المادي، ولكنهم رفضوا الفكرة تماماً مستندين بذلك للعادات والتقاليد التي تحد من مشاركة النساء في المجتمع وباعتبار الرجل هو المسؤول عن دخل العائلة فلا داعي لخروج المرأة للعمل خارج المنزل ولاسيما أنه ليس بجعبتي شهادة علمية تؤهلني للعمل على حد وصفهم، حيث كان رد أبي:
“العمل للرجال فقط ولا يجوز ان تختلط النساء بالرجال ومهمة المرأة خدمة عائلتها”. |
على الرغم من محاولات هبة المتكررة إلا أنها لم تستطع أن تغير قناعة أهلها الرافضين لفكرة العمل وساءت حالتها النفسية كونها أصبحت مقتنعة تماماً بضرورة تغيير واقعها وعدم تحقيق ذلك سيكون بمثابة انتهاء حلم المستقبل الأفضل على حد وصفها.
استمر حلم هبة بأن تصبح امرأة فاعلة في المجتمع وتحقق رغبتها في مزاولة مهنة تستطيع من خلالها أن تثبت لأهلها ومحيطها أنها قادرة على المساهمة في تطوير المجتمع وتغيير نظرته النمطية تجاه المرأة كربة منزل فقط مع أهمية هذه الدور. |
تقول هبة:” بقي ذلك الأمل مرافقاً لي حتى عام 2017 ومع ازدياد قدرة النساء على إيصال أصواتهن للتعبير عن آرائهن والمطالبة بحقوقهن ازدادت مجالات العمل لدى النساء وأصبحن يعتمدن على أنفسهن بشكل أكبر من ذي قبل، إضافة لما ترتب على الحرب من غلاء بالمعيشة ونقص بالموارد مما جعل الحياة أقسى على المجتمعات السورية بشكل عام، شعرتُ أنه من واجبي أن أدخل سوق العمل لمساندة أهلي وبدافع أكبر من الماضي قبل بدء الحرب وعدت من جديد لإقناع أهلي بضرورة العمل والذي أصبح واجباً، وخصوصاً أن الأمثلة عن النساء العاملات بالمنطقة أصبحت واضحة وستكون فرصة لاندماجي بشكل أسرع”.
تأكدت هبة بأن إصرارها على تحقيق حلمها في العمل على الرغم من الرفض والإحباط الذي واجهته من عائلتها، أتى ثماره، وتمكنت في النهاية من تحقيق حلمها في العمل في مركز تجميل، والذي لا يوفر فقط الدخل المالي لعائلتها، بل يمنحها أيضًا إحساسًا بالهدف والإنجاز.
تكمل هبة حديثها:” بالفعل طلبت موافقة والدي للعمل في مركز تجميل أسوة ببنات عمي والذي هو بالأصل مكان تعمل به النساء، وبالفعل وافق والدي على الفكرة مما جعلني أبدأ بتحقيق حلمي بعد أكثر 6 سنوات من المحاولة”.
قصة هبة تذكير بأهمية تمكين المرأة وضرورة تحدي الأدوار التقليدية والقوالب النمطية للجنسين التي تحد من مشاركة المرأة في المجتمع، للمرأة الحق في تحقيق تطلعاتها، ويجب تقدير مساهماتها في المجتمع والاعتراف بها، من الأهمية بمكان أن تدعم العائلات والمجتمعات تعليم المرأة وفرص العمل، لأن هذا لا يفيد الأفراد فحسب، بل يقوي المجتمعات ككل فمن الضروري الاستمرار في الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها لخلق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.