تعرّض مئات الآلاف للإصابات خلال سنوات النّزاع العشر في سوريا، تواجه فئة المصابين معاناة تتعلّق بتفاصيل حياتهم اليوميّة من عدم القدرة على العمل وتراجع الدّخل الشهري وصعوبة التّنقّل، هذا إضافة إلى مشاكل القطّاع الطّبي وشبه انعدام فرص العمل لهذه الفئة.
انعكست هذه المعاناة على عوائل المصابين، حيث اضطر بعض أبناء المصابين لترك الدراسة والتوجّه إلى العمل لسدّ احتياجات العائلة، كما أنّ الإصابة نفسها كلّفتْ المصابين وذويهم مبالغ عالية خاصّة الإصابات التي تتطلّب متابعة طبيّة.
تؤثّر التّطورات الحاليّة في سوريا على المصابين، حيث النّقص الحاد في خدمات المياه والكهرباء والوقود والذي انعكس على عمل الدوائر الخدميّة ووسائل النّقل والمستشفيات، إضافة إلى جائحة كورونا والضغط الذي سبّبته على المستشفيات والنقاط الطبيّة وتأثير الإجراءات الاحترازيّة على فرص العمل والدّخل الفردي، في الوقت الذي تمتد فيه الأزمة المعيشيّة نحو الحاجات الأساسيّة للسكّان.
تعمل منظّمة العدالة من أجل الحياة على توثيق الإصابات الناتجة عن القصف واستهداف المواقع المدنيّة والمُخلّفات الحربيّة في محافظة دير الزور. عمل فريق المنظمة على توثيق مئات المصابين في المحافظة حيث نفّذ الباحثون استبياناً استهدف 335 مصاباً. خلال عمليات التوثيق تحدّث عدد من المصابين عن تفاصيل تعرّضهم للإصابة وتداعياتها عليهم وعلى عوائلهم.
وفق المعلومات التي حصل عليها باحثو منظّمة العدالة من أجل الحياة في عدد من المناطق الرئيسيّة في دير الزور ، فإنّ الرعاية الصحيّة لمصابي الحرب ضعيفة جداً خاصة ما يتعلق بتوافر مراكز للأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي وتجهيز المستشفيات والكوادر الطبيّة.
كانت الطائرات والألغام والقنّاصة تنتظر المدنيين في كل مكان في دير الزور. لا يوجد مكان آمن وليس من السّهل دائماً معرفة مصدر الاستهداف. يقول الشاهد أحمد (اسم مستعار):” خلال محاولة أخي الوصول إلى البقاليّة لجلب الأغراض اليوميّة، أُصيب برصاص قنّاص في رأسه ما أدّى إلى تلف في الدّماغ وصعوبة في تحريك الطرف الأيمن من الجسم (اليد والقدم اليمنى)، كما فقد ذاكرته عدّة أشهر بعد الإصابة”.
عمّار (اسم مستعار) البالغ من العمر (38) عاماً من أبناء مدينة دير الزور ونازح حالياً في بلدة البصيرة يقول: “بتاريخ 2 أيار/مايو 2015 استهدفتْ طائرة بناء في حي المطار القديم جانب جامع عثمان بن عفّان في المدينة. توجّهتُ مع عدّة أشخاص للمساعدة في إنقاذ المصابين وشاهدتُ عدّة أبنية مدمّرة وسمعتُ أصوات استغاثة من تحت الأنقاض. عادتْ الطائرة للتحليق في نفس المكان واختبأتُ في مدخل أحد الأبنية القريبة. قصفتْ الطائرة مرّة أخرى وأُصبتُ بشظيّة في يدي ونُقلتُ بسيارة مدنيّة إلى مستشفى فارمكس الميداني وأنا في حالة إغماء، بترَ الأطباء يدي لأن حالتها كانت سيّئة كما أخبروني لاحقاً”.
خليل (اسم مستعار) الذي بترت قدمه بانفجار لغم عام 2019 يقول: “غيّرت الحادثة حياتي وأصابتني بحالة نفسية وجسديّة سيّئة للغاية، شعرتُ بالعجز وأصبحتُ أكثر عدوانيّة وأشعر أنّ الناس تنظر إليّ بعين الشّفقة. لم أعد أقوى على العمل، ساندتني عائلتي وخاصّة أخي الكبير الذي ساعدني في فتح بقاليّة صغيرة”.
توصي منظّمة العدالة من أجل الحياة بضرورة توسيع الدّعم المادي والنّفسي لإعادة تأهيل ودمج مصابي الحرب، بما في ذلك إنشاء مراكز خاصّة بتركيب الأطراف الصناعيّة والعلاج الفيزيائي، والسعي لتشكيل روابط تمّثل مطالب فئة المصابين واحتياجاتهم، وضرورة العمل بوتيرة أسرع على إزالة الألغام ومخلّفات الأسلحة القابلة للانفجار.
لقراءة المزيد عبر الرابط: Exorbitant Price of War AR