أورينت نت – دير الزور | عادل العايد
ثلاثون مراهقاً من أبناء بلدة واحدة في دير الزور وهي “جديد عكيدات” قتلوا وهم على جبهات القتال، لصالح تنظيم (الدولة الإسلامية)، منهم من قام بعمليات انتحارية وآخرين في اشتباكات في مناطق متفرقة، وذلك بحسب الناشط (أحمد رمضان) من ريف دير الزور الشرقي، الأمر الذي بات الآن لافتاً في توجه تنظيم داعش نحو تجنيد صغار السن لصالحه، لزجهم في الصفوف الأمامية على جبهات القتال، في ظل ظروف الفقر والجهل وغياب التعليم.. حيث يخوض التنظيم اخطر استثماراته على ما يبدو!
عمليات انتحارية!
خلال الأشهر الماضية نفذ عدد من هؤلاء المجندين المراهقين عمليات انتحارية على عدة جبهات، الناشط (أحمد رمضان) من ريف دير الزور الشرقي يقول “لدينا أسماء خمسة أطفال قاموا بعمليات انتحارية مع التنظيم، اثنان منهم قتلوا في الأراضي العراقية، وهما من مدينة العشارة، وآخر نفذها في محيط مطار دير الزور العسكري دير الزور، أما الاثنان الآخران فلم يعرف على وجه الدقة أين قاموا بتفجير أنفسهم، إلا أن عناصر التنظيم أخبروا ذويهم أنهم توفوا أثناء قيامهم بعمليات انتحارية، ورغم أن هذه العمليات اختيارية بالنسبة للعناصر، إلا أن الشحن النفسي والعاطفي المتواصل الذي يقوم به شرعيو التنظيم وقادته، يدفع بهؤلاء المراهقين لإنهاء حياتهم بهذا الشكل المأساوي”.
ويضيف رمضان “التنظيم بشكل عام يزج بالأطفال دون أي مدارة لكونهم أطفال على جبهات القتال، وتشهد جبهات ريف حلب الشرقي و القلمون على ذلك، حيث أسرت الفصائل عدد من هؤلاء، ففي بلدة “جديد عكيدات” بريف دير الزور الشرقي وحدها، وهي تعتبر أهم قاعدة لأنصار التنظيم في دير الزور، وصل عدد المراهقين القتلى على جبهات التنظيم فيها إلى 30 مراهق”.
ويبلغ عدد المراهقين والأطفال الذين يتم تجنديهم لصالح التنظيم ما يقارب 700 طفل متدرب، بحسب الناشط أحمد رمضان، وأماكن التدريب تتوزع على امتداد دير الزور، وخصوصاً في الريف الشرقي، تحت مسمى “معسكرات أشبال الخلافة” بالإضافة إلى معسكر تدريب هام للتنظيم في منطقة حصيبة الواقعة في الجزء العراقي مما يسمى بـ “ولاية الفرات”.
خطر على محطيهم الاجتماعي!
وبات هؤلاء المجندين يشكلون خطراً حقيقاً على محيطهم الاجتماعي فقد لا يتورعون عن استخدام السلاح تجاه أقاربهم، فيقول رشيد 15 عاماً “قام أحد المجندين من ريف دير الزور الغربي بإطلاق النار على أخيه الأكبر من بندقيته التي استلمها من التنظيم، وكان موت شقيقه محققاً لولا هربه، وتدخل أفراد العائلة لإيقافه، وذلك إثر ملاسنة بينهما، جراء كشف زوجة أخيه عن وجهها أمامه، لذلك بات الناس يخشون بطش التنظيم في حال الاصطدام معهم، ويسعون لعدم الاختلاط أو التعامل معهم”.
ويتابع “أغلب أصدقائي الذين التحقوا بالتنظيم أصبحوا منعزلين اجتماعياً، ويميلون للانطوائية، ولم يعودوا يفضلون الكلام معنا، ويوجهون الانتقاد لتصرفاتنا وأقوالنا دوماً، مما جعلنا نخشاهم فعلاً، فهم لن يتورعوا عن قتلنا في سبيل التنظيم”.
معسكر للتبني!
ويعود اهتمام التنظيم بتجنيد الأطفال إلى ما قبل فترة القتال مع الفصائل في دير الزور، فأثناء معاركه للسيطرة عليها أسر وقتل عدد من الأطفال المنتمين إليه من أبناء دير الزور أو من خارجها، و قبل أيام من بدأ قصف طيران التحالف لمواقع التنظيم في سورية والعراق قبل عام تقريباً، قام طيران النظام باستهداف معسكر للتنظيم في (منجم الملح) بمنطقة التبني غربي دير الزور، حيث أوقع هذا الهجوم حوالي 20 عشرين قتيلاً بينهم خمسة أطفال، أحدهم يبلغ من العمر ثماني سنوات، وهو قريب لأمير التنظيم في الريف الغربي المدعو “بن لادن”، مما دعا التنظيم لإيقاف العمل في هذا المعسكر نهائياً خصوصاً بعد استهدافه من قبل طيران التحالف عدة مرات لاحقاً، حيث كان هذا الموقع من أهم معسكرات تدريب الأطفال في دير الزور، أما الآن فيقول كمال البالغ من العمر 16 عاماً عن أصدقائه المراهقين الذين التحقوا بدورات تابعة للتنظيم بعد بدء قصف التحالف: إن التنظيم بدأ يأخذهم إلى أماكن يتكتم عليها بشكل كبير، فضلاً عن أن التدريب يتم على دفعات خوفاً من استهداف طيران التحالف.
ولا يقتصر عمل هؤلاء المراهقين في القتال فحسب، فقد بدأ التنظيم يسند إليهم مهام غير قتالية تتعلق بالحسبة أو الإشراف على بعض المرافق الخدمية، حيث أصبحت رؤية هؤلاء وهم يتجولون حاملين سلاحهم، أو يقودون سيارات التنظيم في مدن وبلدات دير الزور أمراً مألوفاً، وغالباً ما يتعامل هؤلاء المراهقون بنزق وبتعالي مع الأهالي، ولخشية هؤلاء من بطش التنظيم، فإنهم يبتعدون عن الاصطدام معهم أو حتى مخالطتهم، أو الإدلاء بآراء بخصوص التنظيم أو ممارساته خوفاً، من نقلها لما يعرف بالأمنيين لدى داعش.
أسباب التحاقهم!
الناشط (محمد حسان) من ريف دير الزور الغربي، يرجع التحاق هؤلاء الأطفال بالتنظيم إلى عدة أسباب وأولها تتعلق بذويهم كونهم انتسبوا للتنظيم أو يناصرونه، كما أن الشعور بالغيرة تجاه أقرانهم المنتسبين إلى التنظيم تدفعهم إلى التطوع نظراً لاعتقادهم وهم في هذه السن أنهم سيحصلون على امتيازات كحمل السلاح وممارسة السيطرة والنفوذ وقيادة سيارات التنظيم، وهناك قسم من المراهقين انضم إلى التنظيم لأسباب عشائرية، تتعلق بالصراع على النفوذ مع عشائر منافسة لعشائرهم، خصوصاً لمراهقي العشائر الصغيرة نوعاً ما، والتي تعيش وسط عشائر أضخم منها تعداداً ونفوذاً.
ويرجح حسان ارتفاع أعداد المنتسبين من المراهقين لصفوف التنظيم، طالما بقي الأخير بجذبهم إليه عن طريق خيمه الدعوية ومعاهده الشرعية ونقاطه الإعلامية، التي تنتشر على امتداد دير الزور، والتي يستخدمها كأدوات لدغدغة مشاعر الأطفال، وبث أفكاره في عقولهم الناشئة.
1/7/2015
رابط مختصر: http://o-t.tv/amX