قصّة المختفي زكريا عبد المجيد أحمد على يد فرع المنطقة (227)
زكريّا عبد المجيد أحمد، والدته لطيفة، من مواليد مدينة دمشق في العام 1967، متزوج ولديه سبعة أولاد وهم (بشار ومجد وبشرى وماهر ومحمد وربا وبكر)، وكان يعمل في مجال الأعمال الحرة قبيل اختفائه.
في تاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر2012، اقتحم منزله الواقع في منطقة دف الشوك في مدينة دمشق عدة عناصر يتبعون إلى فرع المنطقة (الفرع 227) بحسب العائلة، وكانوا مدججين بالسلاح، ويلبسون الزي العسكري، وقاموا بالسؤال عن الابن الأكبر “بشّار” على خلفيّة مشاركته بالمظاهرات التي حدثت في حي الزاهرة بدمشق ضدّ حكم الرئيس السوري بشّار الأسد، كما وجهوا العديد من الشتائم البذيئة بحق الوالد بحضور زوجته وأولاده بحسب ما أفاد ابنه “مجد” البالغ من العمر 22 سنة.
لم يكن الابن “بشّار” موجوداً في المنزل في تلك اللحظة، فقامت العناصر الأمنيّة باعتقال والده وأخذ سيّارته الخاصّة بعد اعتدائهم بالضرب عليه وعلى ولديه، وأخبروا العائلة بأنّهم سوف يفرجون عن الأب في حال قام بشّار بتسليم نفسه لهم، ولم تشفع عبارات الرجاء التي أطلقتها الأم في إطلاق سراح زوجها من أيدي هؤلاء العناصر.
بعد عمليّة اعتقال الأب “زكريّا”، داهم عناصر فرع المنطقة منزل العائلة عدّة مرّات متتالية، باحثين فيها عن الابن “بشّار”، ممّا اضطرّ بقيّة العائلة إلى الهروب إلى الأردن وترك المنزل الذي استولى عليه عناصر الأمن لاحقاً وأسكنوا به عائلةً من قبلهم، وبحسب الابن “مجد” فإنّ هذا الاستيلاء تمّ بشكلٍ غير قانوني وبدون أيّة أوراق رسميّة تفيد “بالحجز”.
وبعد مضيّ عامٍ على لجوئهم إلى الأردن (أي في نهاية العام 2013) عادت العائلة إلى سوريا بناءً على طلب الأم أملاً منها في معرفة مصير زوجها المختفي “زكريّا”، والذي انقطعت أخباره بشكل كامل، ولم تعد العائلة إلى منزلها المصادر واضطرّت إلى الإقامة في منزل الجد الذي يقع في بلدة الغارية الغربيّة في محافظة درعا.
حاولت عائلة “زكريّا” الوصول إلى أيّ خبر عنه، حيث التقوا بعدّة سماسرة/وسطاء ممّن ادّعوا إمكانيّتهم معرفة مكان الأب، أو إمكانيّتهم إخراجه من الاحتجاز، وترتّب على ذلك دفع الأهل مبالغ ماليّة كبيرة تجاوزت المليون ونصف ليرة سوريّة أي ما يعادل الـ 6000$ دولار أمريكي تقريباً آنذاك، ولكن بدون أيّ نتيجة.
وبحسب “مجد” فإنّه وقبيل ستّة أشهر (بداية العام 2017)، تواصل معه أحد السماسرة وأخبره أنّ والده زكريّا معتقل في سجن صيدنايا العسكري وطلب منهم مبلغ مليوني ليرة سوريّة مقابل إعطائهم دليلاً على كلامه فقط، ولكن لم تستطع العائلة تأمين هذا المبلغ، بالإضافة إلى كونها لم تعد تثق حتّى بهؤلاء السماسرة الذين يدّعون أحياناً أنّهم ضبّاط في أفرع أمنيّة من دون الإدلاء بأسمائهم الحقيقيّة.
عانت عائلة زكريّا الكثير من الخسائر الماديّة التي بدأت باستيلاء عناصر الأمن على سيّارة المختفي، ثمّ استيلائهم على منزل العائلة، ودفعهم الكثير من المبالغ للسماسرة من أجل معرفة مصير الأب، كما اُضطرّوا إلى بيع دراجتهم الناريّة في سبيل تأمين بعض من هذه المبالغ، حيث يصف “مجد” هذه المعاناة قائلاً:
“كان لغياب والدي أثر ماديّ كبير علينا، فقد كان المعيل الأساسي للعائلة، وبعد اعتقاله أصبحنا نعاني بشكل كبير، خاصّة بسبب الظروف الحاليّة وانعدام فرص العمل وظروف الحرب المستمرّة والتهجير، ومازال اعتمادنا الأساسي على المعونات المقدّمة من منظّمة الأمم المتّحدة، ولكن هذه المساعدات لا تسدّ حاجة العائلة كلّها ممّا دفعنا نحن الشبّان إلى العمل في مجال الأعمال الحرة (أعمال البناء) في سبيل تأمين لقمة العيش بشكل يومي. وفوق هذه المعاناة قام الطيران الحربي التابع للنظام السوري في العام 2015 بقصف منزلنا في بلدة الغارية الغربيّة ببرميل متفجر مما أدى إلى إصابة أخي بجروح خطيرة تعافى منها فيما بعد.
لقد انقلبت حياتنا رأساً على عقب، وتدمّرت بشكل كامل بعد اعتقال أبي، فأخي الأصغر “بكر” لا يعرف أبي إلا من خلال الصور، فقد كانت والدتي حاملاً به عندما تمّ اعتقال والدي، وأختي “بشرى” تزوجت بعد الحادثة وكان زواجها فيه من الحزن أكثر من الفرح بسبب غياب والدي، وفي كل يوم تبكي أمّي منتظرةً عودة أبي من المجهول، ولا تزال تزرع الأمل في نفوسنا بأنه مازال على قيد الحياة وسيعود يوماً ما.”
لقراءة وتحميل القصة بشكل كامل وبصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا.