شهد العام الماضي العديد من التطورات المتسارعة في دير الزور كان من أبرزها اقتتالات واشتباكات عنيفة بين قوات عشائرية مسلحة من جهة مع قوات سوريا الديمقراطية/قسد من جهة أخرى في آب/اغسطس 2023، والتي أدت إلى مقتل و إصابة العشرات من المدنيين وحالة عامة من التوتر الأمني وانقطاع الطرقات وحظر التجوال. انتهت المواجهات بعودة سيطرة قوات قسد على البلدات التي خرجت مؤقتاً عن سيطرتها لصالح القوات العشائرية. بعد عودة الوضع الأمني إلى حالة من الاستقرار النسبي، نظمت الإدارة المدنية في دير الزور مؤتمراً تحت عنوان “تعزيز الأمن والاستقرار في دير الزور” في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 والذي حضره ممثلون عن الهيئات المختلفة في الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطي/ مسد وشيوخ ووجهاء عشائر، بالإضافة إلى ممثلي أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني. خلص المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات والقرارات لتحسين الوضع الأمني والمعيشي والحوكمي في مناطق دير الزور. وكان على رأس هذه المخرجات قرار إعادة هيكلة المجالس التشريعية والتنفيذية والبلديات والمجلس العسكري خلال مدة 6 أشهر.
على التوازي، أصدرت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 العقد الاجتماعي المعدل والذي يعتبر بمثابة الدستور الذي تقوم عليه الإدارة الذاتية وتحكم على أساسه مناطق سيطرتها المختلفة. وقد تضمن العقد الاجتماعي المعدل العديد من التغييرات في بنى وهياكل الإدارة الذاتية في المناطق المختلفة الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك إعادة التقسيم الإداري لهذه المناطق إلى 7 مقاطعات مختلفة، واحدة منها هي مقاطعة دير الزور. كما تضمنت النسخة المعدلة إعادة هيكلة وتسمية بعض الهياكل الحوكمية في هيكلية الإدارة الذاتية ومنها تغيير اسم المجلس التشريعي إلى مجلس الشعوب والمجلس المدني إلى المجلس التنفيذي.
بناء على مخرجات مؤتمر تعزيز الأمن والاستقرار وضمن إطار العقد الاجتماعي الجديد تم عقد الجلسة التأسيسية للمجلس التشريعي في دير الزور باسمه الجديد “مجلس الشعوب في مقاطعة دير الزور” في الثالث من نيسان/أبريل 2024. وقد تضمنت الجلسة انتخاب الرئاسة المشتركة للمجلس متمثلة بالسيد فايز البيك والسيدة رهف حسن الرعوج، وأربعة نواب للرئاسة المشتركة.
على الرغم من انقضاء مدة الستة أشهر التي حددتها مخرجات مؤتمر تعزيز الأمن والاستقرار لاستكمال عمليات إعادة هيكلة المجالس المحلية بما فيها المجلس التشريعي والتنفيذي، لكن هذه العمليات لا تزال في بدايتها، وتقتصر على الصعيد العملي على تشكيل المجلس التشريعي وانتخاب رئاسته المشتركة وتغيير الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي. إلا أن هذا يشكل فرصة مناسبة لتحليل واستعراض واقع إعادة الهيكلة واستكشاف مساحات التطوير والإصلاح في هذه العملية. في هذا السياق، أطلقت منظمة العدالة من أجل الحياة مشروع تواصل، والذي يهدف إلى استثمار مناخ التغيير وإعادة الهيكلة لعقد حوارات معمقة مع العديد من الفواعل المجتمعية حول مواضيع متعددة، وإنتاج أوراق سياساتية مبنية على هذه الحوارات بغرض تحليل الواقع وتحديد العوائق والتحديات واستخراج توصيات عملياتية قابلة للتطبيق بغرض المساهمة في جعل جهود إعادة الهيكلة والإصلاح المؤسساتي أكثر تشاركيةً وأثراً واستدامةً.
تنظر هذه الورقة بشكل محدد إلى مجلس الشعوب في مقاطعة دير الزور، أو ما كان يعرف سابقاً بالمجلس التشريعي (تستخدم هذه الورقة اسم المجلس التشريعي للإشارة إلى المجلس)، وتسعى إلى:
- استكشاف الواقع الحالي للمجلس التشريعي في دير الزور واستعراض التغييرات التي نتجت عن عملية إعادة الهيكلة بما في ذلك تحديد أوجه القصور التي تستجيب لها هذه العملية.
- تحليل دور وفعالية المجلس التشريعي ومقارنة الدور الواقعي بالدور المأمول من المجلس.
- استعراض التحديات والعوائق التي تحد من عمل المجلس التشريعي وأسباب الثغرات بين الدور النظري والواقع العملي للمجلس.
- البحث في المساحات والقنوات المتوفرة أو الممكنة لتعزيز التشاركية والمشاركة المجتمعية في عمل المجلس، والمسارات الممكنة لتفعيل وتحسين هذه المساحات.
- استخراج توصيات عملياتية بغرض زيادة كفاءة وأثر عملية إعادة الهيكلة وتعزيز دور المجلس التشريعي وفعاليته.
لقراءة الورقة كاملة: المجلس التشريعي المجلس التشريعي في دير الزور الواقع ومآلات الإصلاح