تم تطبيق نظام “بطاقة الوافد”، وفقاً للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك مدينة الرقة. يهدف هذا النظام إلى تنظيم وجود النازحين والوافدين في تلك المناطق، وذلك من خلال التحقق من هوياتهم وضمان عدم تسلل عناصر غير مرغوب فيها وتجنب أي تهديدات أمنية محتملة. ومع ذلك، فإن العديد من الوافدين يرون أن التبريرات التي قدمتها الإدارة الذاتية لفرض هذا النظام لم تكن مقنعة، حيث يعتبرون أن الإجراءات المرتبطة بالحصول على “بطاقة الوافد” تزيد من الأعباء المفروضة عليهم، وتحد من حريتهم في التنقل والعمل داخل تلك المناطق.
في سياق التحديات الأمنية التي فرضتها سيطرة تنظيم الدولة/داعش سابقاً على أجزاء واسعة من سوريا، والتي أدت إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بشكل كبير، ظهر نظام “بطاقة الوافد” كإجراء وقائي يهدف إلى منع تسلل عناصر إرهابية باستخدام وثائق مزورة. تم البدء بتطبيق هذا النظام في عام 2019، ويتطلب من الأشخاص الذين يحملون قيود نفوس خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الحصول على هذه البطاقة كشرط لدخولهم وإقامتهم في مناطق شمال وشرق سوريا. وفي بيان صادر عن هيئة الداخلية في شمال وشرق سوريا عام 2022، أكدت الإدارة الذاتية أن مناطق سيطرتها كانت دائماً ملاذاً آمناً للسوريين الذين فروا من ويلات الحرب والإرهاب. وأشارت إلى أن نظام “بطاقة الوافد” يأتي في إطار حرصها على ضمان حقوق النازحين والوافدين، وتمكينهم من العيش بشكل طبيعي إلى جانب باقي المواطنين. وأوضحت الإدارة أن هذا النظام قد أسهم بشكل فعال في الكشف عن عدد من عناصر تنظيم داعش الذين حاولوا استخدام بطاقات هوية مزورة للتنقل بين مناطق شمال وشرق سوريا، مما ساعد في تعزيز الأمن والاستقرار في تلك المناطق. ورغم هذه التبريرات، أثار نظام “بطاقة الوافد” جدلاً واسعاً بين النازحين والوافدين إلى الرقة والمناطق المحيطة بها حيث يشكو العديد من الوافدين من أن هذا النظام يعاملهم بتمييز مقارنة بسكان المنطقة الأصليين، حيث يعانون من القيود الإدارية والبيروقراطية التي تفرضها عليهم، والتي يعتقدون أنها تعيق قدرتهم على التحرك بحرية والعمل دون عوائق. كما يرون أن هناك حاجة ملحة لمراجعة هذا النظام وإيجاد حلول أكثر إنصافًا للوافدين الذين يعيشون في تلك المناطق منذ سنوات طويلة.
البيان الصادر عن هيئة الداخلية لشمال وشرق سوريا بتاريخ 15/01/2022 -المصدر: موقع الإدارة الذاتية على وسائل التواصل الاجتماعي
بتاريخ 6 آب 2024 صدر القرار رقم (240)، والذي شدد من الإجراءات المفروضة حيث أصبح من الضروري على المقيمين ممن قيود نفوسهم خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الحصول على البطاقة كشرط أساسي قبل التوظيف في مؤسسات الإدارة، أو قبل الحصول على تراخيص أو إجازات رسمية. يعتبر هذا القرار بمثابة تعقيد إضافي يزيد من الأعباء على الوافدين، ويحد من قدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي.
صورة عن القرار (240) الصادر عن المجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا بتاريخ 6 آب/أغسطس 2024-المصدر: موقع الإدارة الذاتية على وسائل التواصل الاجتماعي
في ظل هذه التطورات، تسعى هذه الورقة إلى تحليل نظام “بطاقة الوافد” بشكل شامل، من خلال استعراض تأثيراته المختلفة على المجتمع المحلي في الرقة، وعلى حياة الوافدين والنازحين بشكل خاص وتقديم مقترحات عملية لمراجعة هذا النظام والبحث عن بدائل أكثر عدلاً وإنصافاً تراعي حقوق الوافدين وتخفف من التحديات التي يواجهونها.
لقراءة الورقة كاملة: بطاقة الوافد