حالتها الصحيّة حرمتها من التعليم
سُهى (اسم مستعار) فتاة متلازمة داون من الدرجة المتوسطة. كانت سهى ، في طفولتها، تأخذ حقيبتها لتذهب الى المدرسة الكائنة في قرية تقع في محافظة السويداء السورية. استمرت سهى بالذهاب الى المدرسة حتى الصف الرابع الابتدائي، وذلك لأن المدرسة تفتقر لمناهج أو كفاءات تعليم مناسبة لحالة سهى الصحيّة. وبالتالي لا تستطيع المدرسة تلبية احتياجات سهى في الاندماج مع المنهاج القائم في ظل غياب خبرات تمكين بشرية للتعامل مع هذه الحالات الخاصة، ناهيك عن غياب الوعي وعدم تقبّل باقي الأطفال لها فهم لا يدركون الاختلاف.
تقول أم سهى” نحن نعيش في قرية نائية، في الأصل فرص فيها التعليم قليلة، في ظل مجتمع له عاداته وتقاليده الخاصة، وصورة نمطيّة عن التعليم بالنسبة للطفلات والفتيات، فكيف إذا كانت الطفلة تعاني من حالة صحيّة خاصة ! لم تستطع طفلتي الاستفادة من المدرسة في ظل غياب سياسات التعليم المناسبة، وعدم توفر الإمكانات البشريّة من المعلمين والمعلمات”.
وتضيف أم سهى “لم أقف مكتوفة اليدين فقد حاولت أن أذهب معها إلى مركز المدينة حيث تتوافر بعض المراكز المختصّة بمثل هذه الحالات، ولكن لم أتمكّن من الاستمرار، نتيجة صعوبات السفر وتكاليف التعليم في هذه المراكز، في ظل إمكانياتنا الماديّة المتواضعة. لم أترك باب دون طرقه، لكن دون جدوى. بحثت عن مراكز تدريب مهنيّة ولم أنجح في حينها لأنّها لم تكن متاحة لذوي\ات الاحتياجات الخاصة” .
وأضافت: “طفلتي تمتلك ذاكرة ممتازة قد تساعدها على إتقان العديد من المهن، لو أتيحت لها الفرصة لكانت قد أبدعت في مجالات كثيرة. تبلغ ابنتي اليوم الخامسة والعشرين، ولم أستطع تأهيلها بأي نوع من التعليم أو التدريب. من حقها أن تتعلم وتتأهل كباقي الفتيات، ولكن هذا الأمر يحتاج الى تظافر جهود وسياسات، لا يمكن للجهود الفرديّة أن تتوصّل إلى حلول “.
إن ذوي الاحتياجات الخاصة هم فئة يحتاجون رعاية خاصّة من النواحي التربويّة والتعليميّة مناسبة بهدف تلبية احتياجاتهم. يعد التعليم من أهم حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات لأنه يوفّر لهم العمل والعيش بكرامة والتفاعل مع المجتمع وهو حق مكفول في الاتفاقيات الدوليّة. لذلك يجب منح الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة حقوقهم التعليميّة والتدريب المهني وتوفير الأدوات اللازمة للتعلم بطريقة صحيّة.
توفر القوانين الدولية والاتفاقيات الحماية للأشخاص ذوي الإعاقة. نصّت في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مادتها رقم (24) الفقرة (1): “تسلّم الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم. و لإعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، تكفل الدول الأطراف نظاماً تعليميّاً جامعاً على جميع المستويات وتعلماً مدى الحياة موجهين نحو ما يلي:
- التنمية الكاملة للطاقات الإنسانية الكامنة والشعور بالكرامة وتقدير الذات، وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتنوع البشري؛
- تنمية شخصية الأشخاص ذوي الإعاقة و مواهبهم وإبداعهم، فضلاً عن قدراتهم العقليّة والبدنية، للوصول بها إلى أقصى مدى.”
كما تنص المادة (24) فقرة (2) على: “تحرص الدول الأطراف في إعمالها هذا الحق على كفالة ما يلي:
- عدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من النظام التعليمي العام على أساس الإعاقة، وعدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الإبتدائي أو الثانوي المجاني والإلزامي على أساس الإعاقة.
- تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على التعليم المجاني الابتدائي والثانوي، الجيد والجامع، على قدم المساواة مع الآخرين في المجتمعات التي يعيشون فيها،
(ج) مراعاة الاحتياجات الفرديّة بصورة معقولة،
(د) حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الدعم اللازم في نطاق التعليم العام لتيسير حصولهم على تعليم فعال”.
يتوجب على الحكومة السوريّة تفعيل تطبيق القانون الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة في مجال التربية والتعليم، بحيث يتم توفير مراكز تأهيل مجانيّة خاصة بهم تغطي جميع المناطق في سورية تحت إشراف وزارة التربية مع توفير كافة الوسائل التي تسهّل وصول ذوي الاحتياجات إلى هذه المراكز.