قصّة اختفاء وائل شرّوف على يد ميليشيات الدفاع الوطني
وائل علي شرّوف من مواليد محافظة اللاذقيّة عام 1977، وكان يعمل في مجال البناء، ووصل في تحصيله العلمي إلى الشهادة الإعداديّة، وائل متزوّج وأب لطفلتين: هالة وتبلغ من العمر 10 أعوام، وحنين وتبلغ من العمر 5 أعوام.
بحسب “حياة شرّوف” شقيقة وائل[1] والتي أدلت بشهادتها لسوريّون من أجل الحقيقة والعدالة فإنّه وبتاريخ 1 أيلول/سبتمبر من عام 2013، قامت مجموعة مسلّحة تابعة لميليشيات “الدفاع الوطني” السوري[2]، باعتقال وائل من أمام منزله الكائن في (حي قنيص) في مدينة اللاذقيّة على مرآى من أهله، وعند سؤال الأهل للعناصر المسلّحة عن سبب اعتقاله أخبروهم بأنّ وائل كان قد شارك في المظاهرات المعارضة لحكم الرئيس السوري بشّار الأسد، وبأنّهم سوف يعتقلون أيّ شخصٍ خرج بمظاهراتٍ ضدّهم.
وكان من بين تلك العناصر المسلّحة عنصران عُرفا بعملهما مع ميليشيات الدفاع الوطني التي يترأّسها المدعو (هلال الأسد) قريب الرئيس السوري بشّار الأسد.
حاولت عائلة وائل معرفة مكانه عن طريق بعض “السماسرة” بعد اختفاءه، فقيل لهم أنّه قد يكون تمّ تحويله إلى محكمة مكافحة الإرهاب في مدينة دمشق، وقد تمّ ابتزازهم ماديّاً من قبل هؤلاء السماسرة، حيث حاول أحد السماسرة/الوسطاء ويدعى “أ. المصري” الذي يُعرف بعلاقاته الوطيدة مع بعض قيادات ميليشيات الدفاع الوطني السوري، أخذ مبلغ 300,000 ليرة سوريّة من أهل وائل أي ما يعادل الـ 2,500$ دولار أمريكي آنذاك، لقاء أيّ معلومة عن وائل، ولكنّ العائلة لم تتمكّن من الوثوق به، بسبب اتخاذ هؤلاء السماسرة لقضيّة المعتقلين والمختفين “كباب رزق” وتجارة تدرّ عليهم الكثير من الأموال من خلال استغلال أهالي وذوي المعتقلين.
قام الأهل لاحقاً بتوكيل أحد المحامين وهو ” ع. رستم”، الذي قام بإطلاعهم على قضيّة وائل، وأخذ مبلغ 100,000 ليرة سوريّة مقابل ذلك، أي ما يعادل الـ 800$ دولار أمريكي آنذاك، وأخبرهم أيضاً أنّ هذا المبلغ غير كافٍ من أجل الترافع عن هكذا “نوع من الدعاوى”، ولكنّه قادر على معرفة مصير وائل.. وأضاف بأنّه سيقوم بشراء عطايا لبعض مسؤولي النظام بهذا المبلغ “المئة ألف ليرة سوريّة” بغية الحصول على معلومات، ثمّ أخبر المحامي ذوي وائل لاحقاً أنّ وائل كان قد تمّ تحويله فعلاً إلى محكمة مكافحة الإرهاب في دمشق.
- صدمة عائلة وائل بعد اعتقاله:
“تعرّضت زوجة وائل إلى انهيار عصبي لدى سماعها خبر اعتقال زوجها، وهي لم تستطع استيعاب ما حدث حتّى الآن، حيث سبّب اختفاء زوجها نقصاً عاطفيّاً واجتماعيّاً لديها، فانقطعت أغلب علاقاتها الاجتماعيّة وأصبحت تعاني من العزلة لفتراتٍ طويلة، أمّا طفلتا وائل فطغى عليهما الشعور بالحرمان والنقص لغياب والدهما، وتراجع المستوى التعليمي للطفلة “هالة”، أمّا الطفلة الصغيرة “حنين” فلم تعد تعلم معنى كلمة “أبي” ودائماً ما تسأل عن معناها وأين اختفى والدها، بحسب شقيقة وائل.”
لقراءة القصة بشكل كامل وتحميلها بصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا.
إضافة إلى ذلك أصيبت عائلة وائل بضائقة مادية شديدة بسبب اعتقال معيلهم الوحيد، فباتوا يعيشون على ما يقدّمه لهم باقي الأقارب من مساعدات، أمّا زوجة وائل فقد بقيت في بيت زوجها لتربية طفلتيها، ولا تزال تتأمل عودته وتنتظر أي خبر عن زوجها المعتقل، ويعود إليها الأمل بخروج زوجها عند سماعها بالإفراج عن أيّ معتقل من السجون.
لقد واجهت العائلة أيضاً بعض المشاكل القانونيّة على خلفيّة اعتقال وائل، فعندما أرادت عائلته تسجيل ابنته في المدرسة، طلبت منهم إدارة المدرسة صورة لبطاقة الوالد الشخصيّة، ولم يتمكّنوا من الحصول عليها، فحاول الأهل استخراج وثيقة “إخراج قيد” ولكن بدون أيّ جدوى، وأخبرهم رئيس دائرة السجل المدني في محافظة اللاذقيّة أنّه يوجد “كتاب أمني” بأسماء بعض الأشخاص الذين لهم علاقة بقضايا الإرهاب، ويفرض “هذا الكتاب” على الدائرة عدم استخراج أيّ وثيقة تخصّ هؤلاء الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في الكتاب ومن ضمنهم وائل، وهذا ما أعطى العائلة دليلاً إضافيّاً على كون وائل يواجه تهماً تتعلّق “بالإرهاب” لدى النظام.
بالإضافة إلى ذلك فقد كانت العائلة تتعرّض لمعاملة سيّئة وازدراء خاصّة عند زيارة أيّ دائرة حكوميّة، ففي أحد المرّات قام أحد موظّفي مديريّة ماليّة اللاذقيّة بطرد الزوجة حين حاولت استخراج وثيقة “براءة ذمّة” وأخبرها أنّهم لا يقومون بإعطاء براءة ذمّة للإرهابيّين ”بحسب تعبيره”.
[1] تمّ إجراء المقابلة في تاريخ 16 تمّوز/يوليو 2017 بشكل شخصي في مخيّم الخير في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقيّة.
[2] وهي ميليشيات مسلّحة غير نظاميّة (شبه حكوميّة) تعمل تحت أمرة القيادة العامّة للجيش والقوّات المسلّحة في سوريا.