أجرت منظمة العدالة من أجل الحياة بتاريخ 23 و24 و25 آب/أغسطس مقابلات مع كل من السيد أبو أحمد والسيد كريم والسيد عمر (أسماء الشهود مستعارة حيث رفضوا الكشف عن أسمائهم الحقيقية لاعتبارات أمنية) وجميعهم من أبناء ديرالزور حيث تحدثوا عن قصص نزوحهم من مناطق سيطرة تنظيم الدولة في ديرالزور.
أسباب النزوح:
يقول أبو أحمد:” إن من أهم الأسباب التي دعتنا إلى النزوح هي قصف الطيران المستمر والذي يستهدف مناطق مدنية، إضافة إلى التضييق من قبل تنظيم الدولة كالملاحقة على أبسط الأمور واتهامنا بالردة في حال لم نستجب لأوامرهم وإجبارنا على التعامل بالعملة الخاصة التي أصدرها التنظيم وإصدار قرار التجنيد الإجباري والذي استهدف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين “20 و30 “.
أما كريم فيتحدث عن نظرة تنظيم الدولة إلى المدنيين في ديرالزور:” كل من يبايع التنظيم يعتبر مسلم وكل من لا يبايع فهو جاهل ولا يفقه شيء بالإسلام و قد يتطور الأمر إلى حد تكفير البعض”.
طريقة الخروج من ديرالزور:
وعن طريق خروجه و عائلته من دير الزور يقول أبو أحمد:” اتفقنا مع مهرب ليسهل عملية إخراجنا لأن التنظيم يمنع الخروج، وفي حال تمكن عناصر التنظيم من القبض على أي شخص يحاول الخروج فإنهم يعاقبونه بعقوبات مختلفة”. يقول عمر عن عقوبات التنظيم للشخص الذي يحاول الهروب من مناطق سيطرتهم في ديرالزور:” يصادرون جميع إثباتاته الشخصية وهاتفه الخاص ويخضعونه لدورة شرعية، وفي حال تم القبض على الشخص محاولاً الهروب مرة أخرى فمن الممكن أن تكون عقوبته الإعدام”.
يتابع أبو أحمد:”أخذ مني المهرب 300 دولار ليخرجني مع زوجتي وأطفالي ال 8 ويوصلنا إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بعض المهربين كانوا يتعاملون مع عناصر من التنظيم وذلك لأن عمليات التهريب ترجع عليهم بمبالغ مالية ضخمة”. يقول عمر في هذا السياق:” حدثت مجادلة بيني وبين المهرب-والذي كان معه 30 مسلحاً- بسبب سوء معاملته لنا فأشهر سلاحه الفردي وصوبه باتجاهي أنا و أمي وهدّدنا بالقتل”.
ويؤكد كريم في هذا الخصوص:” تتجاوز تكاليف الهروب من دير الزور إلى إدلب ال 700 دولار حيث اضطررت إلى استدانة جزء من هذا المبلغ من أقاربي في أوروبا، ومعظم الذين خرجوا من ديرالزور وجهتهم محافظة إدلب أو الأراضي التركية”.
يكمل أبو أحمد حديثه عن رحلته بالقول”:سرنا مسافات طويلة في مناطق صحراوية و خالية تماماً من السكان، وعندما نتعب ننام إما في بيوت المهربين إذا كانت قريبة أو في المنازل المهجورة على الطريق، وكان من أكثر ما يرهقنا هو بكاء الأطفال بسبب الخوف من الظلام والبرد الشديد”. وفي هذا السياق يقول الشاهد عمر”: سرنا مسافة 25 كم في طريق مليء بالألغام”.
الوصول إلى المخيمات:
يتابع أبو أحمد:” عند وصولنا إلى حاجز وحدات حماية الشعب المؤلفين من عرب وأكراد أجبرونا على التوجه إلى مخيم مبروكة على الرغم من طلبنا الدخول إلى الشدادي لوجود أقارب لنا هناك، وعلى الرغم من أننا لا ننوي البقاء في محافظة الحسكة”.
وحول كثافة النزوح يقول الشاهد عمر في هذا السياق:”عندما وصلنا حاجز رجم صليبي-التابع لوحدات حماية الشعب- شاهدت ما يقارب 1500 عائلة من مناطق مختلفة، وخلال مدة وجودي عند الحاجز كنت أشاهد حالات مرضية حرجة لمدنيين بسبب الحر الشديد وقلة المياه”. ويتابع عمر حول معاملة عناصر الحاجز”: كان حاجز رجم الصليبي الوحيد الذي لم اضطر إلى دفع المال لعناصره و لكن كانت معاملتهم مع النازحين سيئة جداً حيث رفضوا إدخال طفل يعاني من مرض السكر، وعندما اقتربت مع مئات الأشخاص من الحاجز وطلبنا منهم مياه للشرب أعطونا عبوة سعة 25 لتر مع أن عددنا كان 582، وكانت أسعار المواد الغذائية على الحاجز وفق التالي :
الخبز 2000 ليرة سورية للرغيف الواحد
المرتديلا 2000 ليرة سورية للعلبة الواحدة
الساردين 2000 ليرة سورية للعلبة الواحدة
البسكويت 1000 ليرة سورية للعلبة الواحدة”.
وأكمل عمر شهادته لمنظمة العدالة من أجل الحياة:” بقينا 4 أيام عند حاجز رجم صليبي بدون خيام لأنها كانت محروقة بسبب هجوم التنظيم على الحاجز منذ فترة، قاموا بعدها بنقلنا إلى مخيم الهول حيث تم تصويرنا والتحقيق معنا، وكان المخيم مزود بمتطلبات النازحين من أسواق ومحال تجارية”.
ويقول عمر عن خروجه من مخيم الهول:”بعد حوالي أسبوعين تمكنت من الخروج من المخيم عندما قام أحد أقاربي من سكان الحسكة بتقديم كفالة لإخراجي من المخيم و إدخالي إلى الحسكة ومع ذلك قمت بدفع مبلغ 50 ألف ليرة سورية عن كل شخص”.