دير الزور – محمد حسان
سنة وثلاثة أشهر مضت على سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على محافظة دير الزور، فشل التنظيم خلالها باقتحام مطار دير الزور العسكري، رغم المحاولات المتكرِّرة، والتي كانت آخرها المعركة التي أطلقها التنظيم مطلع هذا الشهر للسيطرة عليه، لكنها باءت بالفشل ولم تحقق أية نتائج تذكر، لتستمر معركة «لا غالب ولا مغلوب» بين النظام والتنظيم في محيط المطار.
السيارات المفخخة كبداية للمعارك
شنَّ تنظيم الدولة منذ الثالث من هذا الشهر هجوماً على مطار دير الزور العسكريِّ بغية السيطرة عليه، وكعادته بدأ الهجوم بتفجير عربتين مفخختين، تلاهما هجوم بريٌّ واسع من مقاتليه، وتمهيدٌ مدفعيٌّ وصاروخيٌّ استهدف قوَّات النظام داخل المطار.
يقول أحمد رمضان، ناشط من دير الزور، لـــ سوريتنا: “الهجوم كان الأعنف للتنظيم، حيث استطاع التقدُّم داخل المطار، لكنَّ القصف المكثفَ من قبل قوَّات النظام، واستخدام الغاز السامِّ أوقف تقدُّمَ التنظيم، وأجبره على التراجع فيما بعد عن النقاط التي سيطر عليها، فالتنظيم فقد كتيبة الصواريخ، والبناءَ الأبيض بعد أيام قليلة من بسط سيطرته عليها، فيما لم تستطع قوَّات النظام دخول هاتين النقطتين حتى الآن.. حيث تعتبر الكتيبة والبناء الأبيض مناطق اشتباك خارج سيطرة طرفي المعركة منذ أيام”.
يضيف رمضان “إنَّ التنظيم تمكن خلال الأيام الماضية من إحراز تقدم ملحوظ في كلٍّ من قرية الجفرة شمال المطار وجبل الثردة جنوباً، حيث تمكن مقاتلوه من السيطرة على أربع نقاط استراتيجية في محيط حقل التيم وداخل الجبل في ظلِّ استمرار الاشتباكات”.
بالتزامن مع ذلك، شنَّ التنظيم هجوماً داخل حيي العمال والرُّصافة داخل مدينة دير الزور، في محاولة منه لإحراز تقدُّمٍ داخل هذه الأحياء دون جدوى، وعن هذا الهجوم يقول زيد الفراتي، مراسل منظمة صوت وصورة في دير الزور، “استهدف التنظيم مراكز للنظام في العمال والرصافة بعربتين مفخختين، وألحقهما بهجوم من عناصره في محاولة منه للتقدم باتجاه الأحياء الخاضعة النظام، ولكنه وبعد يومين أوقف المعركة بعد فشله في تحقيق أية نتيجة”.
عن أسباب الفشل
أسباب كثيرة كانت وراء فشل تنظيم الدولة في التقدُّم وبسط سيطرته على مطار دير الزور العسكري ونقاطٍ أخرى داخل المدينة، فبحسب الناشط محمد الخضر “إنَّ طول فترة المعارك على محيط المطار، والتي بدأها الجيش الحرُّ منذ مطلع 2012 حتى سيطرة التنظيم على المحافظة في الشهر السابع من عام 2014، جعل من المطار حصناً منيعاً، بعد عمليات التحصين الكبيرة التي قامت بها قوات النظام خلال هذه المدة”.
وتابع الخضر “إنَّ الغازات السامة كانت السبب الرئيسي أيضاً في إفشال هجوم التنظيم الأخير، بعد أن كان التنظيم قريباً من السيطرة على المطار، لكن الغازات أجبرته على التراجع بعد حالات التسمم والوفيات التي أصابت عناصره نتيجة الاستنشاق”.
وكانت مصادر طبية في ريف دير الزور أكدت وصول عددٍ من القتلى، وعشرات المصابين باختناق من عناصر التنظيم إلى مشافي الميادين شرق دير الزور، ذاكرةً أنَّ السبب هو استنشاقهم الغازات السامة.
وأوضح المصدر “إنَّ الغاز المستخدم لم يتم التعرُّف إلى ماهيته، ولم يتم تحديد فيما إذا كان غاز الكلور، أو الخردل، أو غيره، مرجعاً ذلك إلى عدم وجود الأجهزة اللازمة لذلك، ولكن المؤكدَ أنَّ هذه الحالات تعاني من أعراض التسمم نتيجة استنشاق غاز سام”.
استخدام قوات النظام للغازات في وقف هجوم التنظيم على مناطقه ليس الأول من نوعه، فقبل أشهر شنَّ التنظيم هجوماً على مناطق سيطرة النظام داخل مدينة دير الزور وعلى المطار العسكري، وأحرز تقدُّماً كبيراً، ولكنَّ قوات النظام تمكنت بعد أيام من استعادة جميع النقاط، وخاصة الواقعة منها في محيط المطار بعد شنه هجومٍ بغازٍ سامٍّ على المهاجمين.
ضباط حرس جمهوري قتلى.. وعناصر سورية وأجنبية
المعارك المستمرَّة منذ 11 يوماً في محيط المطار وداخل المدينة، أسفرت عن سقوط عددٍ كبير من القتلى والجرحى من كلا الطرفين، ويقول بشير العباد «عضو لجان التنسيق المحلية في ديرالزور» لــ سوريتنا: “إن عدد القتلى بلغ ما يقارب الـ 200 قتيل من النظام والتنظيم، وعشرات الجرحى من الطرفين”.. متابعاً: “إنَّ قتلى التنظيم معظمهم من العناصر السوريين وبينهم قليل من العناصر الأجانب، أما قتلى النظام فهم من عناصر الحرس الجمهوري، وميليشيات الدفاع الوطني، وجيش العشائر، وبينهم ضابطان أحدهم برتبة عقيد والثاني ملازم أول”.
مصدر طبي رفض الكشف عن اسمه قال: “إنَّ بعض المشافي في ريف دير الزور الشرقي لم تعد تستقبل المدنيين نتيجة كثرة الإصابات في صفوف التنظيم، وعدم قدرتها على استيعاب المزيد، فيما تقوم قوات النظام بنقل جرحاها عبر الطيران المروحي إلى العاصمة دمشق، نتيجة عجز المشفى العسكري المخصص لعلاج قوات النظام والميليشيات التابعة لها عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى”.
الركيزة الصلبة لصمود قوات النظام
يبعد المطار العسكري نحو عشرة كيلو مترات شرق مدينة دير الزور، ويعد أهم مناطق النظام في المحافظة، ولطالما أرهق المدينة والبلدات والقرى القريبة بالقصف الصاروخي والمدفعي الذي نشر القتل والدمار فيها، فضلاً عن كونه نقطة انطلاق الطيران الحربي والمروحي، لقصف المدنيين وتدمير البنى التحتية في مناطق دير الزور.
وبالإضافة إلى دوره في القتل والتدمير فإنَّه يحول دون السيطرة على المحافظة بالكامل، حيث يقف حاجزاً بين الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام بمدينة دير الزور وبين الريف الشرقي الخارج أيضاً عن سيطرة النظام أيضاً منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وفي حال سقوط المطار تصبح بعضُ المقرَّات الأمنية للنظام التي ما تزال في مدينة دير الزور مكشوفة أمام مقاتلي التنظيم، وهو ما حرص النظام على عدم حدوثه خلال الأعوام الماضية.
http://www.souriatnapress.net/archives/13955