من أبرز القضايا التي كان للانتفاضة الشعبية في سورية عام ٢٠١١ دوراً كبيراً في إعادة تسليط الضوء عليها، هي قضية التمثيل والشرعية. يعود ذلك من جهة إلى تعدّد مناطق النفوذ واختلاف القوى المسيطرة عليها، ومدى أهليتها في تمثيل السكان سياسياً، وتواجدها أساساً في العملية السياسية التفاوضية. ومن جهة أخرى إلى مقدار التصحّر في العمل السياسي والممارسات الديمقراطية التي عايشها السوريون لأكثر من أربعة عقود، بحكم سياسة الحزب الواحد التي فرضتها الحكومة السورية بموجب المادة الثامنة من دستور عام 1973، واستمر في ممارستها حتى بعد غياب تلك المادة عن دستور عام 2012.
تبدو إشكالية الشرعية والتمثيل مركبة وذات جذور تاريخية في منطقة شمال شرق سورية أو ما يعرف بالجزيرة السورية، التي تمتد على ثلاث محافظات: دير الزور، الرقة والحسكة. لما عانت منه هذه المنطقة، المتنوعة عرقياً ودينياً، من تهميش من قبل السلطة المركزية في دمشق، فضلاً عن كونها ساحة مفتوحة لتأثيرات اللاعبين الخارجيين بحكم موقعها الجغرافي وتكوينها الديمغرافي، مما ساهم بشكل سلبي في أحقية تمثيل أهلها والتعبير عن مصالحهم. لم يتغير المشهد عقب عام 2011، مع سيطرة الإدارة الذاتية على المنطقة بحلول عام 2019، واستئثارها بالإدارة عبر هياكلها الحوكمية والعسكرية، فضلاً عن تمثيلها السياسي عبر ذراعها المسمى مجلس سورية الديمقراطي “مسد”، وما يعنيه ذلك من إقصاء باقي مكونات المنطقة. وإلى جانب إشكالية الشرعية المحلية، تبرز إشكالية التمثيل السياسي للمنطقة في ظل ما يمتلكه حكامها من موارد طبيعية وعلاقات، إذ ما تزال الإدارة الذاتية مغيبة عن المسارات التفاوضية، مما يعود إلى عدد من الأسباب الذاتية والموضوعية، ويجعل من تجربتها مثار شك على المدى البعيد.
تسعى هذه الورقة إلى تفكيك إشكاليتي الشرعية والتمثيل السياسي للمنطقة، بغية البحث عن مخارج سياسية واقعية لتمثيل منصف لأهالي المنطقة الشمالية الشرقية من سورية بكافة مكوناتها. وقد استخدمت الورقة كلاً من المنهجين الوصفي والتحليلي، حيث تضمنت نتائج العمل الميداني الذي شمل ست عشر مقابلة شخصية مع وجهاء من المنطقة وخبراء وباحثين، إلى جانب أعضاء من المنطقة في الأجسام السياسية الممثلة للحراك الشعبي. كما استند البحث إلى نتائج ثلاث مجموعات تركيز نقاشية تم عقدها ميدانياً في كل من محافظات الرقة والحسكة ودير الزور مع فاعلين سياسيين ومحليين، ومع مراجعة مكتبية لما كتب ونشر حول إشكالية البحث.
تستعرض الورقة التمثيل السياسي لأبرز مكونات شمال شرق سورية قبل وبعد عام 2011، مشيرة إلى سرديات الأجسام السياسية الممثلة في العملية السياسية منذ انطلاقها عام 2012. ثم تخلص إلى نتائج وتوصيات من شأنها أن تساعد في تمثيل سياسي أكثر إنصافاً لشمال شرق سورية محلياً، وكذلك في العملية السياسية التفاوضية الأممية.
لقراءة الورقة كاملة: نحو مخارج لتمثيل شمال شرق سورية في العملية السياسية