كان عمر سلمى (اسم مستعار) خمسة عشر عاماً حين تقدم لخطبتها شاب من أقاربها عام (2015). وبالاتفاق مع والدها، لم يتم إجراء التحاليل الطبية الخاصة بالزواج (الالزامية) في مخبر وعيادة الفحص الطبي (وهو مركز حكومي)، إنما أجريت التحاليل عن طريق طبيبة خاصة ذات صلة وطيدة بعائلة الزوج، ومن بعدها تم تثبيت الزواج في المحكمة بناءً على الأوراق المقدمة من قبل الزوج، بما فيها التحليل الصادر عن طبيبة خاصة وليس مركز معتمد.
حملت سلمى، وخلال الفترة الأولى من الحمل لم تقبل عائلة الزوج بأن تعرض سلمى على طبيبة نسائية للاطمئنان على صحتها أو لمتابعة تطورات الجنين وصحته حتى بلوغها الشهر السابع من الحمل. عندها، قرروا بأن تذهب سلمى عند طبيبة من اختيارهم وهي ذات صلة ومعرفة بعائلة الزوج. تبين اثناء الفحص وجود تشوه في الجنين وكانت أنثى وقد توفيت فور ولادتها.
عندما سألت سلمى الطبيبة عن سبب التشوهات الحاصلة للجنين وما إذا كانت لصلة القربى بينها وبين زوجها أي تأثير على الحمل، نفت الطبيبة، تحت ضغط عائلة الزوج، وجود أي علاقة لصلة القرابة ، وقالت أنّه أمر طبيعي أن يحدث مثل هذه التشوهات وحالات وفاة الجنين.
بعد وفاة الطفلة بأشهر قليلة، تم افتعال مشاكل من قبل الزوج وأهله وقام بتطليق سلمى، عن ذلك تقول سلمى: “رضيت بنصيبي وتزوجته وهو أكبر مني بتسع سنين، بس لهلأ مافهمت ليش طلقني”.
تعرضت سلمى لمجموعة من الانتهاكات كان أولها تزويجها المبكر، ثم حرمانها من الحق في إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج ومن حقها في الحصول على الخدمات الصحية والإنجابية اللازمة، إلى جانب العنف النفسي من قبل الزوج وعائلته، والطلاق التعسفي أيضاً.
المادة /12/ من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)[1] وبخاصة الفقرة رقم /2/ والتي تتضمن: “تكفل الدول الأطراف للمرأة خدمات مناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، موفرة لها خدمات مجانية عند الاقتضاء، وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة”.
الأهل، الزوج، الطبيبة، والقاضي الذي وافق على الزواج بداية، جميعهم شاركوا في الانتهاك الذي وقع على سلمى، بسبب العادات والتقاليد السائدة، خاصة لناحية عدم إدراك أهمية الفحوصات الطبية التي تسبق الزواج، وعدم تطبيق القانون الذي انتهك من قبل الأطباء والقضاة . ان حالة سلمى هي واحدة من بين الكثير من الحالات التي تحرم فيها المرأة من أبسط حقوقها، وبغية الحد من هذه الانتهاكات، يوصى بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية المرتبطة بعقد الزواج والطلاق بما يضمن إلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء وحرص القاضي على توافر كافة المستندات والتأكد من قانونيتها قبل إبرام عقد الزواج، ووضع آليات رقابية شديدة على إصدار التحاليل المخبرية قبل الزواج لتفعيلها.