نغم (اسم مستعار)، شابة سورية بدأت نشاطها في الشأن العام منذ عام 2011 مع بداية الحراك الشعبي في سوريا. كان لها مشاركة مع المتظاهرين في الاحتجاجات السلميّة في مدينتها “اللاذقية”، حيث تعرّضت خلالها لمضايقات ومحاولة للتحرّش كونها امرأة ووحيدة بين مجموعة من الذكور. فيما بعد، اتجهت للعمل الإغاثي ومساعدة النازحين داخليّاً في مدينتها، وركزت على اتباع دورات تدريبيّة تخصصيّة في مجال العمل الإغاثي والإنساني وحول مختلف المفاهيم والمواضيع ذات الصلة، وكانت حريصة على زيادة حصيلتها المعرفيّة وتثقيف نفسها والانخراط مع معظم منظمات وجمعيّات المجتمع المدني تحضيراً لمراحل قادمة.
خلال هذه المرحلة وتطور الأحداث المتسارع وارتفاع وتيرة الصراع في سوريا، كانت “نغم” تتعرض لضغوطات من المحيط (عائلة – أصدقاء- أقارب) بسبب الخوف من الحالة العامة والخوف تحديداً كونها “امرأة”، وبسبب اختلاف المواقف السياسيّة. في عام 2013، كانت أولى تجاربها العمليّة ومشاركتها السياسية من خلال انتسابها لإحدى الهيئات التي تضم مجموعة من الأحزاب السورية المعارضة، وتجربتها هذه لم تكن مرحب بها كلياً حتى من ضمن الوسط الذي انتسبت إليه، حيث تعرضت للكثير من الضغوطات بداية لكونها امرأة وأيضاً بسبب انتمائها الطائفي، وتعرضت للإقصاء ومحاولات لتشويه السمعة من أجل إبعادها عن العمل، لكنها أصرت على الاستمرار بالانتقال لمكان آخر والاستمرار بالعمل مع مجموعة متقبلة.
بعد ذلك ونتيجة ضغوطات سياسية داخل المجموعة المنتسبة لها، وبسبب عدم تجلي مفهوم الديمقراطية بشكل واضح، وحدوث شروخ داخل هذه الجماعة، استقالت منها نغم عام 2016 .
ثم، انتقلت نغم للعمل مع مجموعة سياسية نسويّة أخرى مع نساء سوريات في الداخل، وكانت من المشاركات في مفاوضات تمت في جنيف حول مستقبل العمل السياسي للنساء في سوريا، وفي هذه المرحلة أيضاً عملت على زيادة حصيلتها المعرفيّة عن كل مايتعلق بقضايا وحقوق المرأة والقانون الدولي كي تكون على اطلاع عميق بما يخص عملها.
مع استمرارها بالعمل في قضايا المرأة وخاصة في الداخل، شاركت نغم مؤخراً في أحد المؤتمرات السياسية المتعلقة بمستقبل العمل السياسي في سورية وتشغل أكثر من موقع مميز فيه.
تقول نغم :” كانوا الكل معارضين، الأهل والأقارب والمحيط وكل ذكور العائلة، وكان من الممكن أن أتعرض لعنف مباشر لاستمراري بالعمل السياسي، بس مع هيك واجهت وكملت وبشجع أي امرأة عندها الرغبة والقدرة على العمل السياسي انو تخوض بهالمجال”، وتؤكد على صعوبة العمل السياسي للمرأة السورية خاصة في الداخل بسبب الوضع الأمني ونظرة المجتمع، لكنها ترى بأن كافة هذه الحواجز يمكن تخطيها وتشجع أي امراة لديها القدرة والإرادة على العمل السياسي والمشاركة الفعالة في الشأن العام.
المادة (7) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) نصت على ضرورة القضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية وتكفل:
(أ) التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، وأهلية الانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
(ب) المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وتنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة على جمييع المستويات الحكومية.
(ج) المشاركة في جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية التي تُعنى بالحياة العامة والسياسية في البلد.
في حالة نغم، والتي تعتبر قصة نجاح حقيقية في ظل الظروف السائدة في سوريا، وخصوصيّة الحالة السورية والصعوبات الأمنيّة، وبهذا يكون قد تحقق حق المشاركة في الشأن العام والحياة السياسية. لا بد من زيادة الدعم المقدم للنساء العاملات في المجال الإنساني والناشطات في المجتمع المدني أو الشأن السياسي وتمكينهن من خلال التدريب والتأهيل ورفع الوعي حول حقوقهن.