خاص, مرصد العدالة من أجل الحياة
بعد الحصار وانقطاع التيار الكهربائي منذ الساعة الثانية عصراً بتاريخ 25 آذار/مارس 2015, وهجرة غالبية الأطباء وتراجع الخدمات الصحية إلى أدنى مستوياتها, تتصدّر اليوم, في أحياء مدينة دير الزور المحاصرة, أزمة المياه المشهد اليومي الاعتيادي لحياة السكان في المدينة, وتكمن المشكلة, بالإضافة إلى انقطاع ضخ المياه, وقلتها في حال توفرها, إلى ما تسببه المياه من أمراض معدية تصيب المدنيين. شركة المياه لم يعد بمقدورها إيصال المياه إلى الأحياء المحاصرة الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية إلا بمعدل يوم واحد كل خمسة أيام, ولساعات محدودة, وتصل المياه إلى الأهالي بشكل غير صحي, حيث أن المياه ملوثة بسبب عدم توفر مادة الكلور لتعقيمها, وهذا ما سبب أمراضاً خطيرة, ترقى بعضها إلى أن تكون حالات مرضية معدية, أدت إلى الوفاة في الفترات السابقة داخل أحياء القصور والجورة. وما يزال بعض الأهالي في الأحياء المحاصرة يعبئون المياه بواسطة الصهاريج التي تنقل المياه وتبيعها للمدنيين بسعر 1500 ل.س للبرميل الواحد, بعد أن كان يباع بسعر 1000 ل.س للبرميل الواحد. بينما بلغ سعر عبوة المياه الباردة 50 ل.س للتر الواحد. أخطر الأمراض التي تسببها المياه الملوثة, التهاب الكبد الوبائي, وفي مقابلة اجراها المرصد مع السيدة ام بتول (اسم مستعار نظرا للأوضاع الأمنية ) من سكان الأحياء المحاصرة, واستطاعت الخروج منذ ما يقارب الثلاث أشهر لعلاج أحد أبنائها الذي لا يتجاوز عمره 6 أعوام, والمصاب بمرض التهاب الكبد الوبائي, وأدخلت ابنها المستشفى من أجل تلقي العلاج اللازم, ولكن بحسب أحد الأطباء المتواجدين هناك أكدّ لها أن طفلها لن يتعافى من المرض, وعلى الأرجح أنه لن يعيش طويلاً. قالت ام بتول :
“أصيب ولدي بالمرض بسبب المياه الغير معقمة في الأحياء المحاصرة في ديرالزور حيث ظهرت عليه بداية أعراض مثل الغثيان والإرهاق والتعب والخمول و الدوران “و أكملت قائلة : “ساهم شح الأدوية وتأخير عناصر الأمن السوري منحه تصريح الخروج لمدة شهرين في تفاقم حالته وبعد إخراجه من الأحياء المحاصرة لم يكمل علاجه حيث اختطفه الموت من بيننا”, كما أضافت السيدة ام بتول ” أن مرض التهاب الكبد الوبائي ينتشر في الأحياء المحاصرة. ,وأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنة و 15 سنة هم الأكثر عرضة للإصابة” .
تحدث باحثو المرصد مع اثنين من المختصين في الصحة العامة, لمعرفة سبب التهاب الكبد الوبائي. فما هو التهاب الكبد الوبائي, وما هي أنواعه.؟
هو عبارة عن نوع من الفيروسات من انواع A,B,C. ويقسم التهاب الكبد إلى:
1-التهاب الكبد: A ينتشر في المقام الأول بسبب شرب المياه الملوثة, وهو بخلاف الالتهاب الكبدي B والالتهاب الكبدي C, فإن عدوى الالتهاب الكبدي A لا تسبب مرضاً مزمناً للكبد, ونادراً ما تكون قاتلة. -الإصابة بالتهاب الكبد A وأعراضه: يصاب معظم الأطفال بنسبة 90% بالالتهاب الكبدي A قبل سن البلوغ, وتتراوح فترة الحضانة ما بين (14 – 28) يوماً, وتختلف الأعراض من حالة لأخرى, ولكن عموماً تظهر الأعراض التالية: “الحمى, التوعك, فقدان الشهية, الإسهال, الغثيان, آلام البطن, بول غامق اللون, اصفرار الجلد وبياض العينين”.
2-التهاب الكبد: B وهو عدوى فيروسية حادة ومزمنة على حد سواء, ولا تظهر له أية أعراض على معظم الأشخاص المصابين خلال مرحلة العدوى الحادة, إلا أن البعض يعاني في هذه المرحلة من اصفرار العيون “اليرقان”, وتستمر لعدة أسابيع. بالإضافة إلى “التبول داكن اللون, الإجهاد, الغثيان الشديد, التقيؤ, آلام البطن”. وقد يتطور ليصل إلى مرحلة الفشل الكبدي والوفاة. ويعتبر الأطفال مادون سن السادسة هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الالتهاب الكبدي B وتتطور الحالة إلى عدوى مزمنة.
3- التهاب الكبد الوبائي: C وهو فيروس معدي, تتراوح مدة العدوى من مرض خفيف يدوم بضعة أسابيع إلى مرض خطير يدوم مدى الحياة. -أعراض وأسباب التهاب الكبد C: يسببه فيروس الكبد C, وينتقل عن طريق الدم, إذ تعتبر الحقن غير الآمنة, وعدم تعقيم الأدوات والمعدات الطبية, أكثر طرق العدى شيوعاً, وينتقل كذلك في حالات نقل الدم غير المفحوص. وهذه الظواهر موجودة بكثرة في مستشفيات دير الزور, وخصوصاً ما يتعلق بعدم تعقيم الأجهزة الطبية. وتتراوح فترة الحضانة لالتهاب الكبد C بين أسبوعين وستة أشهر بعد العدوى الأولية, وبعض المصابين لا تظهر عليهم الأعراض. أما عن المصابين الذين تظهر عليهم الأعراض فيعانون من: الحمى والإرهاق ونقص الشهية والغثيان والقيء وآلام المعدة والمفاصل واليرقان وبول داكن اللون والبراز الرمادي. معظم أمراض التهاب الكبد الوبائي من الأنماط A,B,C ظهرت أعراضها على بعض المدنيين في الأحياء المحاصرة في مدينة دير الزور, وخصوصاً الأطفال, وبدرجة أقل النساء, وسجل عدد من الوفيات بسبب الإصابة بمرض الكبد الوبائي وفق ما أكد شهود من داخل الأحياء المحاصرة. غالباً ما يتعرض الأطفال من عمر شهر إلى 15 عام للإصابة بالتهاب الكبد الوبائي, وأكد عدد من الأهالي في الأحياء المحاصرة أن هنالك العديد من الحالات التي تحوم الشكوك حول أنها ناتجة عن الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي نتيجة لما تم مشاهدته من الأعراض التي ظهرت على عدد من الأطفال في أحياء الجورة والقصور.
يناشد مرصد العدالة من أجل الحياة في دير الزور, منظمة الصحة العالمية بالدرجة الأولى, والهيئات الدولية والمنظمات الطبية المختصة بالاهتمام بإصحاح المياه في الأحياء المحاصرة في مدينة دير الزور, سواء من حيث تعقيم مياه الشرب بشكل مستمر وبدون انقطاع, أو التأكد من سلامة مصادر المياه التي يتم توفيرها للسكان المحليين من خلال تحليلها والتأكد من صلاحيتها للاستخدام البشري, ونلفت نظر الجهات الطبية المختصة إلى أن عدم تعقيم المياه في الأحياء المحاصرة في مدينة دير الزور يشكل تهديداً حقيقياً لعشرات آلاف المدنيين المحاصرين مما يزيد على سنة ونصف.