تغطي هذه الورقة الجوانب الإنسانية الخاصة بالنازحين والمخيمات والصحة والتعليم كما تسلط الضوء على الوضع الأمني في القرى والبلدات الواقعة شمال نهر الفرات غربي ديرالزور والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
تمتد البلدات والقرى الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية غربي ديرالزور من قرية جزرة البوحميد وصولاً إلى قرى الحسينية والصالحية كما تشمل قرى أبوخشب وجروان وتمتد شمالاً وصولاً إلى الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة.
جميع المناطق المذكورة خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية باستثناء قريتي الصالحية والحسينية تخضعان لسيطرة القوات النظامية وحلفائها.
في هذا التقرير سوف نسلط الضوء على أهم الجوانب في المنطقة :
أولاً: الوضع الأمني:
يتصف الوضع الأمني في مناطق الريف الغربي الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالمستقر نسبياً حيث تعتبر بعيدة عن خطوط المواجهات مع تنظيم الدولة إلا أنها تشهد من حين إلى آخر بعض الإشكالات الأمنية بين الأهالي وقوات سوريا الديمقراطية أو بين تشكيلات هذه القوات نفسها.
تنفذ قوات سوريا الديمقراطية اعتقالات تعسفية في مناطق سيطرتها في الريف الغربي بحجة ملاحقة عناصر من تنظيم الدولة إلا أن الكثير من المعتقلين هم مدنيين لا علاقة لهم. سجل باحثو منظمة العدالة من أجل الحياة حالات تعذيب لبعض المعتقلين في سجون سوريا الديمقراطية.
الاعتقال في سجون قوات سوريا الديمقراطية:
وثقت منظمة العدالة من أجل الحياة مقتل شخصين تحت التعذيب بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2018 في سجون قوات سوريا الديمقراطية بعد اعتقال لمدة شهر.
وفي تفاصيل ما حدث قال مراسل منظمة العدالة من أجل الحياة:اعتقلت مجموعة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية كل من فهد عماش النايف وهو صيدلي يبلغ من العمر 34 سنة من بلدة صبيخان وصالح أحمد الياسين صيدلي يبلغ من العمر 57 سنة من بلدة موحسن وذلك بعد أن وجدت دراجة نارية مفخخة أمام صيدلية صالح الياسين.
أكد شهود من المنطقة لمراسل منظمة العدالة أن جثتي فهد وصالح كان عليها آثار التهاب وتقرح نتيجة الضرب المبرّح الذي تعرضوا له.
فهد عماش النايف-مصدر الصورة مواقع التواصل الاجتماعي-
تم التأكد من صحتها منها من قبل منظمة العدالة من أجل الحياة
صالح أحمد الياسين-مصدر الصورة أقارب صالح
زرع العبوات والمفخخات كوسيلة للترهيب:
تعرضت عدد من مناطق الريف الغربي لانفجارات متعددة باستخدام دراجات نارية مفخخة وعبوات ناسفة. وثقت منظمة العدالة من أجل الحياة 3 عمليات تفجير.
انفجرت دراجة نارية مفخخة في مدخل قرية (حمّار العلي ) دون وقوع إصابات وبتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2018 انفجرت دراجة نارية بالقرب من إدارة الشؤون الدينية في قرية (حمار العلي) حيث ذكر شهود لمراسل منظمة العدالة من أجل الحياة أن عناصر قوات سوريا الديمقراطية قاموا بإطلاق النار بشكل عشوائي بعد وقوع التفجير الأمر الذي أدى إلى مقتل شخصين أحدهما من بلدة البصيرة والآخر من قرية الصالحية القريبة من مدينة ديرالزور وأكد مراسل المنظمة أن القتيلين ليس لهما أي علاقة بالتفجير كما ادعت قوات سوريا الديمقراطية.
ذكر مراسل منظمة العدالة من أجل الحياة أنه بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2018 انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة عند مدخل ناحية الكسرة استهدفت باسم اللطيف وزير الداخلية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية حيث لم يصب بأذى وتم القبض على الفاعل وهو عنصر سابق في تنظيم الدولة.
السجون:
تقع معظم السجون في مناطق سيطرة القوات سوريا الديمقراطية غربي ديرالزور في ناحية الكسرة ويوجد عدد قليل منها في قرى متفرقة.
ينقل مراسل منظمة العدالة من أجل الحياة عن مقربين من هذه السجون بأن المعتقلين هم عناصر في تنظيم الدولة وأشخاص لهم علاقة بالقوات النظامية السورية وأشخاص آخرين بتهم مختلفة.
وصل عدد المعتقلين في سجون ناحية الكسرة حوالي 450 شخص بينهم حوالي 70 امرأة من بينهم نساء حوامل كما يوجد أطفال برفقة النساء المعتقلات عددهم ما يقارب 50 تتراوح أعمارهم بين 10 أيام و13 عاماً.
يتعرض بعض المعتقلين للتعذيب خاصة من توجه لهم تهمة الانتساب لتنظيم الدولة، لا يوجد رعاية صحية داخل السجون وتنتشر بعض الأمراض مثل الحصبة والإسهال وسوء التغذية والجرب والتهاب الكبد.
انتشار الحواجز:
تنتشر الحواجز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية بكثرة حيث لا تكاد تخلو قرية من حاجز على الأقل. وبحسب مراسل العدالة من أجل الحياة فإن الحواجز تتوزع في الريف الغربي في بلدة الكسرة وقرى جزرة البوحميد وجزرة الميلاج والشاطي والكبر والهرموشية والصعوة والزغيّر والحوايج ومحيميدة والحصان والجيعة حيث بلغ عددها حوالي 17 حاجزاً إضافة إلى الحواجز المتنقلة والتي تنتشر ليلاً حيث تسبب كثرة الحواجز تأخير وإعاقة في تنقل المدنيين.
ثانياً:الوضع الإنساني:
النازحون:
ينقسم النازحون في الريف الغربي لدير الزور الواقع شمال نهر الفرات إلى قسمين:
1- نازحون قدموا إلى المنطقة منذ حوالي 7 سنوات ويسكنون في بعض أبنية الدوائر الحكومية ومنازل مستأجرة.
2-نازحون قدموا إلى المنطقة في النصف الثاني من العام 2017 بعد بدء الحملات العسكرية على تنظيم الدولة، ومعظمهم من المناطق التي استعادتها القوات الحكومية السورية، ويفضل معظم النازحين القادمين من مناطق سيطرة القوات النظامية وخاصة الشباب منهم عدم العودة وذلك خشية من الاعتقال والملاحقة والتجنيد الإجباري أما النازحين من المناطق التي استعادتها قوات سوريا الديمقراطية فعادوا إلى منازلهم.
يسكن هؤلاء النازحين في مخيمات عشوائية ومخيم نظامي وهو مخيم أبو خشب كما يسكنون في أبنية دوائر حكومية وفي مناطق أقارب لهم وأخرى مستأجرة.
يعتمد النازحون خاصة القادمين حديثاً على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات العاملة في المنطقة، وفي الكثير من الأحيان لا تحصل الأسرة إلا على مساعدة وحيدة في الشهر وأحياناً تتأخر المساعدات لأكثر من شهرين.
تعمل العديد من المنظمات في المنطقة منها إغاثية وطبية ومنظمات مختصة في التعليم وأخرى مختصة بإزالة الأنقاض كما تركز بعض المنظمات على توعية النساء والأطفال والبنى التحتية.
وصل عدد المنظمات العاملة في المنطقة إلى 9 إضافة إلى عدد من المنظمات المحلية الحديثة النشأة إلا أن عملها محدود.
المخيمات:
تنتشر المخيمات العشوائية في قرى جزرة البوحميد والميلاج وحوايج الذياب ومحيميدة وحمّار العلي ومعظم النازحين فيها هم من المناطق التي سيطرت عليها القوات النظامية السورية. تعاني هذه المخيمات من أوضاع إنسانية صعبة بسبب عدم توافر المساعدات.
أما مخيم أبو خشب والذي يطلق عليه المخيم النظامي ويقصد بذلك قيام السلطة المحلية بالإشراف عليه وتقديم مساعدات من منظمات مختلفة.يتواجد في مخيم أبو خشب حوالي 420 عائلة معظمها نزحت من مناطق سيطرة القوات النظامية إضافة إلى بعض العوائل العراقية.
قال عدد من النازحين في مخيم أبو خشب لمراسل منظمة العدالة من أجل الحياة إن القائمين على المخيم احتجزوا أوراقهم الثبوتية لمنعهم من المغادرة كما رفضوا نقل المخيم إلى منطقة أخرى بعد أن ازدادت الشكاوى على موقع المخيم بسبب قلة المياه وانتشار الحشرات والزواحف.
تقتصر المساعدات المقدمة للمخيم على الخبز والمياه وبعض المساعدات الغذائية والتي تتوزع في فترات متباعدة.
قامت إدارة المخيم بحفر خندق حول المخيم بعمق 2 متر مع وضع سواتر الأمر الذي حول المخيم إلى ما يشبه المعتقل.
ثالثاً:الطرق والمعابر:
أغلقت القوات النظامية جميع المعابر النهرية الواصلة بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وأهمها المعبر الواصل بين قرية جزرة البوحميد ومدينة معدان والمعبر الآخر الواصل بين بلدة الكسرة وبلدتي الشميطية والمسرب. يذكر أن مدينة معدان وبلدتي الشميطية والمسرب تخضع جميعها لسيطرة القوات النظامية السورية.
قامت قوات سوريا الديمقراطية بمنع المدنيين من الوصول إلى المعبر الوحيد المتبقي والواصل بين قرية حطلة ومدينة ديرالزور وذلك نتيجة قيام القوات النظامية بقتل 3 عناصر من قوات سوريا الديمقراطية في قرية جنينة.
إلى جانب المعابر التي تشرف عليها القوى العسكرية على طرفي النهر (القوات النظامية السورية وقوات سوريا الديمقراطية) تتواجد بعض المعابر الغير نظامية والتي يستخدمها المدنيون تجنباً للدخول عبر المعابر النظامية وذلك بسبب التفتيش الدقيق والذي يسبب الكثير من التأخير في تنقل المدنيين.
ووفق مراسل منظمة العدالة من أجل الحياة فإن قوات سوريا الديمقراطية لديها تعليمات بإطلاق النار على كل شخص يقترب من سرير النهر حيث قتل شخص نازح في قرية حمّار الكسرة بإطلاق الرصاص عليه من قبل قوات سوريا الديمقراطية بينما كان يصيد السمك.
رابعاً:الوضع الصحي:
تتوافر في ريف ديرالزور الغربي 4 مستشفيات 3 منها خاصة وهي مستشفى حوايج البومصعة ومستشفى جزرة البوحميد التخصصي ومستشفى دار الشفاء في جزرة البوحميد أما المستشفى العام فهو مستشفى الكسرة والذي يقدم خدمات الإسعاف وبعض الخدمات الجراحية مثل الجراحة العامة والولادة وجراحة العظام وفيها قسم أشعة ومخبر وعيادات أطفال وقبالة. تتلقى المستشفى الدعم من المجلس المحلي ومنظمة أطباء بلا حدود. كما يوجد مستوصف في قرية محيميدة ويعتبر المستوصف الوحيد في المنطقة.
قامت منظمة ( هانديكاب- HI) بافتتاح عيادة للعلاج الفيزيائي وتقديم أطراف صناعية
من أهم التحديات التي تواجه القطاع الصحي في المنطقة:
- عدم توافر كافة الاختصاصات وذلك بسبب نزوح الكثير من أبناء المنطقة.
- النقص الحاد في بعض الأدوية خاصة أدوية السرطان وجلسات غسيل الكلى.
التحديات المذكورة تضطر المدنيين إلى السفر إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية في دمشق أو ديرالزور أو مدينة القامشلي لتلقي العلاج.
خامساً:التعليم:
وصل عدد المدارس التي تعقد فصولاً دراسية منتظمة في الريف الغربي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ديرالزور إلى 75 مدرسة يعمل فيها ما يقارب من 1000 مدرس حيث يتقاضى المدرس راتباً شهرياً يبلغ 50 ألف ليرة سورية.
تتوزع المدارس بين القرى والبادية حيث يوجد حوالي 60 مدرسة في القرى الممتدة من جزرة البوحميد وصولاً إلى قرية شقرا فيما تتوزع حوالي 15 مدرسة في البادية القريبة.
إحدى مدارس الريف الغربي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية
يواجه قطاع التعليم من العديد من المشكلات أهمها:
- لا تولي السلطات المحلية الاهتمام الكافي للعملية التعليمية حيث يلاحظ إهمال كبير لهذا القطاع.
- عدم توافر كادر تدريسي مؤهل.
- عدم تزويد المدارس بالمستلزمات الأساسية كالمقاعد إضافة إلى عدم وجود أبواب ونوافذ في الكثير من المدارس وهذا ما قد يسبب أمراضاً للطلبة خاصة مع دخول فصل الشتاء.
- توافر كميات قليلة جداً من نسخ المنهاج الدراسي حيث لا يتوافر سوى نسخة واحدة من كل مادة في بعض الصفوف.
- تحويل بعض المدارس لمقرات لقوات سوريا الديمقراطية.