بسبب الحرب الدائرة في سوريا، لجأت منال(اسم مستعار) -البالغة من العمر (12) عاماً- مع أهلها عام 2013 الى مخيّم في بلد مجاور لسوريا. انقطعت منال عن التعليم منذ مغادرتها سوريا لأسباب عديدة منها عدم توافر مراكز تعليميّة قريبة من المخيم الذي لجأت إليه وتعقيدات الأوراق الثبوتيّة للاجئين وما يترتب عليه من صعوبات.
تزوّجت مال وهي في (15) من عمرها وعادت إلى سوريا برفقة زوجها، واجهت منال في أياما زواجها الأولى مشاكل عديدة مع زوجها وأهله وعلى إثر ذلك تعرّضت لضغط وابتزاز، وأصبحت عرضة للعنف والإهانة. شكّلت هذه الفترة خطراً على حياة منال لارتباط ما واجهته من مصاعب بعادات وتقاليد محليّة حساسّة. خرجت منال من مشاكلها تلك بعد أن بشهادة طبيّة أثبتت أنّحالتها طبيعية ولا تستدعي الشك الذي أحاط بها، ذوو منال رفضوا التخلذي عنها وساندوها في كل سنوات زواجها وحتى بعد أن انفصالها.
للتخلّص من الوصمة الاجتماعيّة تجاه المرأة المطلّقة، تزوّجت منال للمرّة الثانية عام 2018 بعدها، وحملت بعد أشهر قليلة وعانت من مصاعب ومشاكل صحية وآلام شديدة بسبب حملها وصغر سنها.
اليوم، تبلغ منال 21 عام، تعيش حياة أسرية مفككة، وفي أحد المرات تعرضت للعنف الجسدي. كما تتعرض منال لعنف نفسي وابتزاز وتهديد من زوجها بتطليقها وأخذ ابنتها والهرب بها.
نصّت المادة 16 فقرة (1) من اتفاقية (سيداو)[1] في البنود (د-هـ – و) المتعلقة بحقوق الزوجة والأم على:
1-تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
(د) نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها وفي جميع الأحوال، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
(هـ) نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسّسيّة الاجتماعيّة، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة”.
المادة 16 فقرة (2) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) تنص على أنه: “لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً”.
يوصى بمراجعة قانون الأحوال الشخصية السورية المرتبطة بالزواج المبكّر وأهمها الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم (4) لعام 2019 والتي تجيز للقاضي تزويج المراهق أو المراهقة بعد إكمالهم الخامسة عشرة إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما ومعرفتهما بالحقوق الزوجية بما يضمن إلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء، ووضع آليات رقابية شديدة على تطبيق القوانين الموجودة غير المفعلة، وأيضاً تفعيل الرقابة على الخدمات الصحية والإنجابية اللازمة لضمان وصولها لجميع طالبيها، والعمل على تثقيف الأفراد وإشراكهم في برامج توعوية طبية.