لا بد هنا من التأكيد على الدور المحوري للإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني كأحد أسس الأمن الغذائي في بلد يعتمد على الزراعة بشكل كبير، وفي منطقة يعتمد ثلثي سكانها كليّاً على الزراعة. وبالنظر لتعدد العناصر المرتبطة بهذا القطاع والتي أوضحناها عبر أداة التحليل (PESTEL)، والمؤشرات العامة التي أثرت سلباً على توازن هذه العملية من حيث دورها الاقتصادي والاجتماعي بسبب ظروف الصراع في سوريا محلياً وإقليمياً، ستبقى العملية الإنتاجية لهذا القطاع حساسة وغير متوازنة، ونعتقد أن قرع ناقوس الخطر ليس مبالغة أبداً حول الأمن الغذائي والاستقرار والتوازن البيئي المعرض بدوره لمزيد من التراجعات.
لقد أوضحت صور الأقمار الصناعية فروقات ملموسة لمساحة المنطقة المزروعة ما بين عامي 1984 و2022، وتظهر الصور بجلاء زحف المناطق الرملية والتصحر ليبتلع أجزاء إضافية من الأراضي الزراعية لصالح التملح والبادية منخفضة القيمة، ويظهر أيضا انحسار مساحة سرير النهر ومجراه وانحسار المنسوب لهذا الشريان الأهم في المنطقة. (الصور الأخيرة لناحية هجين – دير الزور).
مجمعات الأنهار التاريخية مهددة بالانحسار التدريجي مع استثمار غير علمي للمياه والترب والموارد الطبيعية، وليس ببعيد من ذاكرة السوريين كيف غاب البليخ، وليس هناك مخرج من هذا التسارع السلبي لنضوب شرايين الحياة إلا بتضافر جهود عناصر العملية الزراعية من فلاحين ومزارعين وفنيين وتقنيين وفي المقام الأول الإدارات، حول الهدف الأسمى وهو ضمان قطاع زراعي متوازن ومجزٍ للجميع، وعلى هذه الإدارات أن تتقن التوازن بين العناصر الاقتصادية وثبات البنى الاجتماعية بالتعاون الوثيق، وتضمين عناصر العملية الإنتاجية في التخطيط التشاركي حتى نتفادى نقطة اللاعودة.
لقراءة الورقة: انحسار الأراضي الزراعية في دير الزور