يشكل التعليم في البلاد التي تشهد حروباً ونزاعات مثل سوريا حيزاً هاماً ليس فقط لاكتساب المعرفة، بل أداة أساسية لتمكين الأفراد من مواجهة الصعاب وبناء المهارات للنهوض بالمجتمعات المنكوبة، فالتعليم، في البيئات المضطربة، يصبح أداة لمقاومة الفقر والجهل والتطرف، كما أنه الطريقة التي تمكّن الأجيال الجديدة من تعلّم قيم التسامح والسلام، وأن تبني مستقبلًا مختلفًا عن الحاضر المظلم.
إضافة إلى ذلك، يساهم التعليم في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والشباب/ الشابات الذين يعانون من آثار الصدمات التي خلفتها الحرب، وفي غياب التعليم، تصبح الأجيال عرضة للتجنيد في النزاعات المسلحة، أو الوقوع في فخ الفقر المدقع، مما يعزز دوامة العنف والاضطراب.
وبما أن الجهاز التعليمي من معلمين وإداريين ومشرفين يشكلون الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، أيضاً في بلاد الحروب يلعبون دوراً محورياً يتجاوز دورهم التقليدي، فهم ليسوا بناقلي معرفة فقط، بل يتحولون إلى قادة مجتمعيين وموجهين يساعدون في إعادة الأمل للطلاب، ويعملون على توفير بيئة تعليمية تعزز من الشعور بالأمان والانتماء. ومع ذلك، يواجه هؤلاء المعلمون تحديات هائلة، من نقص الموارد إلى مخاطر أمنية، مما يجعل عملهم أكثر تعقيدًا وأهمية في آن واحد.
إن دعم التعليم في مناطق النزاع ليس واجباً إنسانياً فحسب، بل هو استثمار في السلام والاستقرار على المدى الطويل، وهذا يتطلّب وضع استراتيجيات تعليمية مرنة تأخذ بعين الاعتبار التحديات المعقدة التي تواجهها، مع التركيز على توفير بيئات تعليمية آمنة، ودعم المعلمين، وضمان وصول التعليم إلى جميع الأطفال، بغض النظر عن ظروفهم.
في سوريا ومنذ اندلاع الحرب فيها، أصبحت دير الزور ساحة صراع شديد بين مختلف القوى المتصارعة، بما في ذلك الحكومة السورية، المعارضة المسلحة، وتنظيم الدولة/داعش. حيث عانت المدينة وأرياف المحافظة من دمار كبير في بنيتها التحتية، ونزوح واسع للسكان، وتدهور شديد في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، ورغم تحريرها من “داعش” عام 2017 إلا أنها لا تزال تعاني من انعدام الاستقرار الأمني والاقتصادي، مما يؤثر بشكل كبير على حياة السكان وتعافي المنطقة وبالتالي على مستقبل الأطفال والشباب فيها، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 2.1 مليون طفل سوري في سن التعليم الابتدائي والثانوي خارج المدرسة.
لقد أدى النزاع في سوريا إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية التعليمية، مما أثر على ملايين الأطفال الذين وجدوا أنفسهم خارج المدارس. فالتحديات هائلة، حيث تتعرض العملية التعليمية للتشويه بسبب النزوح والظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها الطلاب وأسرهم. والظروف الأمنية المتدهورة في المنطقة تعيق كذلك جهود توفير التعليم الجيد، حيث تسببت في تعطيل العملية التعليمية وأثرت على قدرة المدارس على تقديم خدماتها.
1,75 متعلم هم خارج المدرسة في حين يواجه 1,35 مليون خطر التسرب منها 300,000 معلم هربوا ولم يعودوا إلى وظيفتهم مما تسبب بنقص حاد في عدد موظفي التعليم ثلث المدارس متضررة أو مدمرة أو لا يمكن الوصول إليها
في ظل هذه التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع التعليم حالياً في سوريا وفي ريف دير الزور على وجه الخصوص، تم إعداد هذه الورقة بناءً على سلسلة من الجلسات الحوارية المركزة التي جمعت معلمين، منظمات مجتمع مدني، خبراء، صانعي قرار وغيرهم في مناطق ريف دير الزور (البصيرة، صعوة، هجين) الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتي ناقشت مجموعة من القضايا الأساسية والاحتياجات الضرورية في القطاع التعليمي، لتكون هذه الورقة كمبادرة لتقديم حلول شاملة وقابلة للتنفيذ بهدف تحسين جودة التعليم في هذه المناطق المذكورة وتعزيز دعم المعلمين.
لقراءة الورقة كاملة: تحسين جودة التعليم ودعم المعلمين-ات