شهادة السيد حازم حوكان حول قيام عناصر الأمن السوري بقتل الطفل محمد ملا عيسى عام 2011
التقت منظمة العدالة من أجل الحياة بالسيد حازم ابراهيم حوكان والذي كان شاهداً على قيام عناصر من أجهزة الأمن السورية بقتل الطفل محمد عبد السلام ملا عيسى في مدينة ديرالزور.
تحدث الشاهد عن تفاصيل الحادثة وكيف كانت نقطة تحول في المظاهرات المناهضة للسلطات السورية في ديرالزور.
مقدمة:
اقتحمت القوات الحكومية السورية مدينة ديرالزور للمرة الأولى في آب/أغسطس 2011 بعد أن حاصرت عشرات الدبابات المدينة، وكان هدف الاقتحام وقف التظاهرات المناهضة للسلطة والتي عمّت المحافظة، نزح آلاف المدنيين هرباً من الحملة العسكرية إلى خارج المحافظة، قامت القوى الأمنية باعتقال مئات الشبان خاصة الذين كانوا مشاركين ومحرضين على التظاهرات حيث تعرضوا لتعذيب شديد كما قامت بحرق عدد من المنازل وسرقة محال تجارية، تمكنت السلطات السورية بعد هذه الحملة من وقف خروج المظاهرات الكبيرة.
لجأ عشرات الشباب نتيجة الوضع الجديد إلى الخروج بمظاهرات صغيرة ولمدة قصيرة تعبيراً عن رفضهم لإجراءات السلطات السورية وتأكيداً على استمرار التظاهر المناهض لها، وكانت هذه المظاهرات تضم عدد قليل من المشاركين حيث كانت تتعرض لإطلاق رصاص عشوائي من قبل عناصر تابعين لأجهزة الأمن السورية.
من هو الطفل محمد؟
محمد عبد السلام الملا عيسى من مدينة ديرالزور، كان طالباً في ثانوية الباسل للمتفوقين في المدينة، قتل أثناء مشاركته في مظاهرة وهو في الصف العاشر الثانوي.
مسيرة مؤيدة تحولت إلى تظاهرة:
بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 أجبرت السلطات السورية جميع طلبة المدارس والموظفين العموميين على الخروج بمسيرات مؤيدة لها. يقول حازم حوكان:” لم أستجب أنا وعدد من زملائي الطلبة لدعوات الخروج بالمسيرة المؤيدة، وتوجهنا حوالي الساعة 11 صباحاً إلى جامع الفردوس في حي الجبيلة للانضمام إلى مظاهرة مناهضة كانت ستنطلق بالقرب من الجامع، التقينا بمجموعة من الطلبة الذين خرجوا بالمسيرة المؤيدة ثم قاموا بترديد هتافات مناهضة للسلطة، كانت هذه المسيرة قادمة من مدرسة الباسل للمتفوقين وكان الطفل محمد ملا عيسى من بينهم”.
يتابع حازم:” كنا ما يقارب 20 شخص نردد هتافات مناهضة للسلطة، وعند وصولنا إلى دوار حويجة في طريقنا إلى حي الجبيلة اقترب منا 3 عناصر أمن يرتدون زياً مدنياً ويحملون مسدسات، اعتدوا على أحد الطلاب بضربه على رأسه بأخمص المسدس ما أدى إلى إصابته بجروح”.
صورة لمحمد عبد السلام الملا عيسى
قتل محمد:
بدأت التظاهرة بالتفرق نتيجة اعتداء عناصر الأمن على أحد المتظاهرين. يقول حازم:” ركضنا أنا ومحمد هرباً من عناصر الأمن، اتجهت أنا صوب حديقة النصارى القريبة من حي الجبيلة، سمعت إطلاق 5 رصاصات توقعت أنها عشوائية، عدت بعدها إلى دوار حويجة لمشاهدة ما يحدث فشاهدت محمد ملقى على الأرض، قمت مع شخص آخر بإسعافه بسيارة أجرة (تكسي) إلى مستشفى النور، لم يتوقف صاحب السيارة أمام المستشفى خوفاً من أن يراه أحد وهو يقوم يإسعاف مصاب لأن إسعاف المصابين في التظاهرات يعتبر جريمة”.
في هذه الأثناء كانت حالة محمد حرجة ولا يستجيب لنداءات الأشخاص من حوله. يتابع حازم شهادته:”لم أدرك وقتها خطورة إصابة محمد على الرغم من أن دمه كان يسيل على ثيابي، ذهبنا إلى مستشفى الساعي، ليخبرنا أحد الأطباء بعد دقائق أن محمد فارق الحياة نتيجة إصابته برصاصة دخلت من جهة كتفه الأيسر واخترقت جسده وخرجت من الطرف الآخر”.
صورة محمد الملا عيسى بعد مقتله
الملا عيسى نقطة تحول في ديرالزور:
أكد حازم حوكان بأن مقتل الطفل محمد الملاعيسى كانت نقطة تحول في الحراك المناهض للسلطة السورية حيث قال:”قام أهل الطفل محمد وأقربائه بإخراجه من المستشفى بشكل عاجل خوفاً من مجئ عناصر الأمن، الذين كانوا يأخذون جثث القتلى وأحياناً لا يسلمونها لذويهم، تجمع الناس بالقرب من منزل أهل الطفل محمد وبدأوا يهتفون ضد السلطات السورية، وتحول تشييعه إلى مظاهرة كبيرة، كما تجمع آلاف المدنيين في اليوم الثالث للعزاء مرددين هتافات مناهضة للسلطة السورية في الوقت الذي كانت المظاهرات قليلة جداً والناس يخشون الخروج فيها خوفاً من بطش القوى الأمنية، وكان عناصر الأمن يتجولون بالقرب من موقع العزاء يحاولن استفزاز المتجمهرين بالتلويح بإشارة النصر”.
ينهي حازم شهادته لمنظمة العدالة من أجل الحياة بالقول:” الشئ الذي لا يمكنني استيعابه هو أن طفلاً خلوقاً مهذباً متفوقاً قتل بلا ذنب وبدم بادر، وبقي مقتله غصة في قلبي وقلبي أهله وقلب كل من عرفه”.