وجدت المستشفيات نفسها مرغمة على دخول الخطوط الأمامية للنزاع السوري منذ نشوبه قبل ستّ سنوات. ففي 22 مايو / أيار 2011 -أي بعد شهرين من بدء الاحتجاجات المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد – اقتحمت القوات الحكومية مستشفىً في درعا، طردت الطواقم الطبية غير الضرورية، ووضعت القناصة على سطح المبنى. فتح القناصة النار على المتظاهرين في اليوم التالي؛ ما مثّل بداية التصعيد الذي استمرّ حتى يومنا هذا.
في عام 2012 – وفي خطوة مدانة على نطاق واسع بانتهاكها للقانون الإنساني الدولي – أعلن الرئيس بشار الأسد تشريعات لمكافحة الإرهاب والتي تضمنت عدم قانونية أيّة مرافق طبيّة تعمل دون موافقة الحكومة. وقد تمّ تجاهل طلبات الحصول على موافقة الحكومة لتشغيل المرافق الطبيّة في الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة؛ الأمر الذي جعل تشغيل أيٍّ من مستشفيات المعارضة أمرًا غير قانونيّ. كما جرّمت التشريعات عدم الإبلاغ عن “أي نشاط مناهض للحكومة”، والذي – وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدّة “يُجرّم المساعدات الطبية للمعارضة”.
ومنذ ذلك الوقت، قُصفت المستشفيات والمرافق الطبية مرارًا وتكرارًا بواسطة هجمات نُسب معظمها – حسب مراقبون دوليون لحقوق الإنسان – إلى القوات السورية والروسية. فعلى سبيل المثال، وجدت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدّة – وهي المجموعة المسؤولة عن التحقيق في جرائم الحرب المزعومة في سوريا – وجدت عام 2013 أن الهجمات على المستشفيات استخدمت بشكل ممنهج كسلاح حرب من قبل نظام الأسد، كما خلصت لجنة التحقيق إلى أن الهجمات المتعمدة من ضد الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف ترقى إلى جرائم حرب حيث ارتكبت عمدًا ضد أشخاص عاملين في المجال الطبي والإسعافي، وهم أعيان ممنوحون حماية خاصة بموجب القانون الإنساني والدولي.
وبموجب القانون الإنساني الدولي، يتمتع الموظفون في المجال الصحي بحالة محمية. وكجزء من وضعهم المحمي لا يمكن استهدافهم من قبل أيٍّ من أطراف النزاع المسلّح. ويُحدّد القانون العاملين في المجال الطبي على أنهم “الموظفون المعينون – من جانب أيٍ من أطراف النزاع – حصرًا للبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى أو جمعهم أو تشخيص حالتهم أو علاجهم – بما في ذلك الإسعافات الأولية، أو إجراءات الوقاية من الأمراض – أو نقلهم من أو إلى إدارة الوحدات الطبية، أو تشغيل أو نقل وسائل النقل الطبي”. وعلاوة على ذلك يتمتع الأشخاص الذين يؤدون واجبات طبية ولا يدخلون في هذا التعريف القانوني، والذين يتعرضون لهجوم عند تقديمهم لخدمات طبية مماثلة – بنفس الحماية، وذلك بموجب القانون الإنساني الدولي.
لتحميل التقرير PDF-A