في مقابلة أجرتها منظمة العدالة من أجل الحياة بتاريخ 19 آب/أغسطس 2017 عن طريق تطبيق الواتس آب مع السيد محمد-اسم مستعار- والذي خرج حديثاً من مناطق سيطرة تنظيم الدولة في مدينة ديرالزور للحديث عن نزوحه من المحافظة.
محمد مدني من ديرالزور نزح باتجاه الحسكة بقي محتجزاً في مخيم السد في محافظة الحسكة بين تاريخي 7 و 10 آب/أغسطس 2017، تكلم عن الصعوبات التي تواجه المدنيين الخارجين من ديرالزور على طريق النزوح، كما تحدث عن مأساتهم في المخيمات القريبة من محافظة الحسكة و أجاب على أسئلة المنظمة و التي تمحورت حول الوضع الإنساني للمدنيين على طريق النزوح و داخل مخيم السد.
أجبرنا على الخروج:
يقول محمد:” خرجت من الأحياء الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في مدينة ديرالزور بسبب القصف المستمر وعدم توافر مقومات الحياة في الأحياء التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، لم استطع البقاء حرصاً على حياة أطفالي.
خرجنا من المدينة باتجاه المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية إلا أن المهربين أوصلونا إلى قرية أبو خشب- التابعة لناحية الكسرة في ريف ديرالزور- و تركونا، سرنا مسافة تقارب 12 كم، وكان معنا نساء كبار في العمر حملناهم على ظهورنا”.
و عن تكاليف الخروج باتجاه أبو خشب قال محمد:” كنا 11 شخصاً بيننا امرأة حامل و أطفال و امرأة كبيرة في السن، دفعنا للمهرب مبلغ 85 ألف ليرة سورية عن كل شخص ليصل إجمالي المبلغ الذي دفعته عن جميع أفراد عائلتي ما يقارب 1700 دولار”.
الدخول إلى مخيم السد:
يتابع محمد شهادته:”بعد هذه الرحلة الطويلة وصلنا إلى حاجز تابع لوحدات حماية الشعب حيث نقلونا بسيارات من نوع KIA مفتوحة، كنا 53 شخصاً في السيارة ووضعوا قالب خشبي و قسموا الجزء الخلفي المفتوح من السيارة إلى قسمين، جلس النساء تحت القالب و الرجال فوق القالب.
انطلقنا من الحاجز حوالي الساعة 11 صباحاً وصلنا حوالي الساعة 4.30 عصراً، قدموا لنا ماء للشرب ولكنه يغلي لشدة الحر، وكل حاجز يوقفنا على طريق المخيم نقوم بدفع مبلغ 3 آلاف إلى 4 آلاف ليرة سورية لعناصر الحاجز عن كل شخص في السيارة،عناصر الحواجز تابعين لوحدات حماية الشعب، وكانوا يتوعدونا و يهددونا بالتعذيب عند الوصول إلى المخيم.
رأيت أكثر من 150 سيارة تنقل مدنيين نازحين باتجاه مخيم السد”.
الأوضاع الإنسانية في المخيم:
يتحدث محمد عن المخيم فيقول:” يقع مخيم السد في قرية عريشة في ريف الحسكة في صحراء قاحلة وهو جديد و قيد الإنشاء و يقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب و يبعد عن مجرى نهر الخابور ما يقارب 2 كم، تكثر في المنطقة الزوابع الرملية والتي تسبب هدم الخيام و اختناق النازحين”.
صورة لمخيم السد بتاريخ 8-8-2017 حصلت عليها المنظمة من مدني من ديرالزور كان محتجزاً في مخيم السد و قام بالتصوير بهاتفه المحمول الخاص و قد أبلغ المنظمة أنه نشرها على الإنترنت قبل أن يرسلها للمنظمة
و يقول محمد:”يتواجد في المخيم حوالي 5 آلاف نازح أكثر من 90% منهم من ديرالزور و البقية من الرقة و العراق و يدخل المخيم يومياً مئات النازحين معظمهم من ديرالزور”.
و حول العناية الطبية والمساعدات يقول محمد:” بقيت في المخيم لمدة ثلاثة أيام لم يزرنا طبيب، توفيت امرأة من ديرالزور كبيرة في السن و نحن في المخيم و دفنت بالقرب منه، وعندما سألنا أحد المسؤولين عن المخيم حول وضع جدتي المريضة بالضغط و السكر و تحتاج لعمل جراحي قال لنا: نجري لها العملية و نعيدها إلى المخيم، لا خروج من المخيم قبل 6 أشهر و سيقتصر الخروج على العائلات و الأطفال و النساء و كبار السن أما الشباب فسيبقون هنا”. وحول توافر المياه قال محمد:”يقوم صهريج بتفريغ حمولته في المخيم بشكل يومي حيث تبلغ حمولته حوالي 6 أو 7 خزانات ولا نعرف إن كانت معقمة أم لا و لكننا نشربها من شدة العطش حيث لا يوجد مصدر آخر لمياه الشرب، و قدمت لنا منظمة لا أذكر اسمها طردين من المياه المعقمة لمرة واحدة خلال الأيام الثلاثة التي بقيت بها في المخيم ولكن لم تكفينا سوى ساعتين”.
وتابع الشاهد:” لا يوجد مراحيض إطلاقا الأمر الذي يجبر النازحين على قضاء حاجاتهم في الخلاء، إضافة إلى عدم وجود مكبات للأوساخ و انتشار الأمراض في المخيم”.
وحول توافر الطعام يقول الشاهد”: نعتمد في طعامنا على المعلبات فقط ما سبب مشاكل هضمية خاصة لدى الأطفال، ونقوم بشراء المعلبات من مالنا الخاص”.
الخروج من المخيم:
يتحدث محمد عن طريق وتكاليف الخروج من المخيم فيقول:” دفعت مبلغ 400 ألف ليرة سورية حتى استطعت الخروج و عائلتي من المخيم حيث أوقفنا عناصر مسلحة و اقتادونا إلى مقر قالوا إنه الأمن العام التابع للإدارة الذاتية و قالوا أنهم سييعيدوننا إلى المخيم أو دفع مبلغ مالي، ولم يقبلوا إلا ب 450 ألف ليرة سورية إضافة إلى هاتف محمول يعود لأخي ليصل المبلغ حوالي 500 ألف ليرة سورية أي بلغت تكاليف خروجي و عائلتي من المخيم لندخل مدينة الحسكة ما يقارب 1700 دولار”.
يتابع محمد:” ادخلني المهرب إلى داخل الحسكة ثم بعد حوالي أسبوع قام مهرب آخر بإيصالي إلى مدينة الباب، قضيت 15 يوماً من العذاب ابتداء من خروجي من ديرالزور و حتى وصولي لمدينة الباب”.
يصف محمد مشاهداته في المخيم:” رأيت رجالاً يبكون بسبب عجزهم عن فعل أي شيء، و رأيت عوائل يتمنون لو أنهم لم يأتوا”.