في شهر نيسان/أبريل الماضي انطلقت مظاهرات في قرى وبلدات عديدة في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية شمال نهر الفرات في محافظة ديرالزور وقد شهدت بلدات وقرى شحيل وغرانيج وأبوحمام والطيانة في الريف الشرقي والكسرة ومحيميدة وسفيرة وحمّار العلي والزغيّر في الريف الغربي مظاهرات ازداد عدد المشاركين فيها بشكل تدريجي بعد أن بدأت بعشرات المشاركين.
إحراق الإطارات وحمل اللافتات كانت أدوات المتظاهرين كما قام أهالي قرية محيميدة بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2019 بطرد عناصر الأمن العام من القرية.
حمل المشاركون في التظاهرات مطالب للمجالس المدنية وقوات سوريا الديمقراطية مؤكدين على استمرار وتصعيد التحرك في حال عدم التجاوب.
إلى جانب التظاهرات وجّه أهالي بعض القرى رسائل عن طريق الوجهاء إلى قوات سوريا الديمقراطية تتضمن مطالب محددة.
اعتقلت عناصر الأمن العام العشرات من المتظاهرين وقاموا بضرهم في المعتقل قبل الإفراج عنهم كما حصل في قرية الطيانة شرقي ديرالزور.
خلفية:
تشكلت المجالس المدنية ومؤسسات خدمية فور سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مناطق في ديرالزور بهدف تقديم الخدمات وإصدار القرارات التي تمهد لتحسين ظروف المنطقة ، وعلى الرغم من تواجد ممثلين عن الأهالي إلا أن سلطة اتخاذ القرار ظلت حكراً على عناصر وحدات حماية الشعب خاصة العناصر غير السوريين والذين يطلق عليهم اسم “الكوادر” -وهم موجودين بأعداد قليلة ولكن لهم سلطات واسعة- بسلطات غير محدودة وغير قابلة للرد وهذا ما شكّل إقصاء كاملاً لأبناء المنطقة في إدارة شؤونهم.
سبب التظاهرات:
منذ نهاية العام 2017 وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على شمال نهر الفرات لا تزال العديد من القضايا الهامة عالقة حيث شكّلت دافعاً على للتظاهر:
1-هيمنة وحدات حماية الشعب على سلطة اتخاذ القرار.
2-الاعتقالات التعسفية في حق المدنيين بحجة ملاحقة عناصر تنظيم الدولة في الوقت الذي استطاع العديد من عناصر التنظيم الخروج من المنطقة بسهولة أو لا يزالوا من دون أي ملاحقة.
3-التعذيب في سجون قوات سوريا الديمقراطية.
4-النقص الحاد في الخدمات خاصة الماء والكهرباء.
5-الحد من حركة المدنيين في توجههم إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة سوريا الديمقراطية مثل محافظة الحسكة.
6-التعليم حيث يعتبر بعض الآباء والأمهات في ديرالزور أن مستقبل أولادهم قد تدمر بعد أن تأملوا بإعادة افتتاح المدارس بعد خروج تنظيم داعش، لا تكفي المدارس التي تم افتتاحها والكادر التعليمي الأعداد المتزايدة للطلبة.
7-الوضع الصحي حيث لا يمكن لعدد قليل من المستشفيات والعيادات الخاصة ومستشفى الكسرة العمومي وإن عملت بطاقتها القصوى تقديم الخدمة الطبية المطلوبة الأمر الذي يضطر الأهالي للسفر إلى دمشق أو شمال سوريا أو الدخول إلى تركيا لتلقي العلاج.
8-انتشار حالات الفساد في مؤسسات الإدارة الذاتية بدون أي تحرك للملاحقة او محاسبة الأعضاء الفاسدين.
9-تهريب المحروقات أدى إلى ارتفاع في أسعار الوقود في كافة مناطق شمال الفرات في ديرالزور.
مطالب المتظاهرين:
إن مطالب متظاهري ديرالزور ليست وليدة اللحظة ولا مفاجئة حيث وضعت على طاولة قوات سوريا الديمقراطية سابقاً عبر وجهاء وشخصيات اجتماعية خلال لقاءات جمعت الطرفين كان آخرها بتاريخ 30 نيسان/أبريل 2019 في مقر المجلس المدني في بلدة الكسرة غربي ديرالزور واجتماع آخر في منطقة عين عيسى في ريف الرقة بتاريخ 2 أيار/مايو 2019. ويمكن تلخيص أهم هذه المطالب بما يلي:
1-إخراج العناصر غير السورية بشكل كامل من المنطقة.
2-إشراك الأهالي بشكل جدي وفعال في في إدارة شؤونهم.
3-الإفراج عن المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم بالارتباط بتنظيم الدولة أو أي جرم آخر.
4-خفض أسعار الوقود ووقف تهريب النفط.
5-تحسين خدمات المياه والكهرباء خاصة في قرى وبلدات الريف الشرقي.
6-ملاحقة العناصر الفاسدة ومحاسبتهم.
المجتمع المدني كطرف قادر على التحرك:
شكل نشطاء في المنطقة العديد من المنظمات والمبادرات المدنية في مجالات عديدة كالإغاثة والتعليم والخدمات والتوعية بالألغام وتلقت دعماً محدوداً من منظمات دولية مانحة، شكلت هذه المنظمات مساحة للتفاعل مابين الأهالي وتحديد مشكلاتهم والعمل على حلها إلى جانب ما تقدمه المنظمات الدولية والمجالس المدنية إلا أن هذه المنظمات اصطدمت بعراقيل من قبل المجالس المدنية من رفض منح الترخيص لبعض المنظمات وتأخيره لمنظمات أخرى وحصر العمل على مجالات محددة حيث ظهر في حالة واحدة على الأقل عدم استجابة المجالس المدنية للمبادرات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
توصي منظمة العدالة من أجل الحياة:
إن الاستجابة السريعة والفعالة لمطالب المتظاهرين سيكون لها أثر على تحسين ظروف الأهالي من الناحية الخدمية ويزيد من التعاون بين الأهالي والمجالس المدينة وهذا ما يتطلب من التحالف الدولي ممارسة المزيد من الضغط على قوات سوريا الديمقراطية لدعم إشراك ذو مغزى و إنهاء الهيمنة السياسية والأمنية لكل من مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية على التوالي على عمل وقرارات الهيئات والمؤسسات المدنية.
إن خطاب الكراهية المتصاعد مع بدء المظاهرات يهدد بالمزيد من التصعيد الذي قد يتم استغلاله وبالتالي فإن الاستماع والتجاوب مع المطالب يعتبر أقصر الطرق للحفاظ على أمن المدنيين واستقرار المنطقة.
إن تشكيل جهة رقابية من خبرات وأشخاص ذوي مصداقية تمارس عملها في مراقبة مؤسسات الإدارة وكافة التجاوزات والانتهاكات من شأنه التضييق على حالات الفساد والتجاوزات.
التعاون مع أهالي الضحايا والمعتقلين سواء فيما يتعلق بالمعتقلين في سجون قوات سوريا الديمقراطية أو المفقودين لدى تنظيم الدولة.
تعزيز دور المجتمع المدني كجهة مدنية أساسية وهنا على المجتمع الدولي زيادة الدعم لمنظمات المجتمع المدني العاملة في ديرالزور.
تشكيل لجان محلية في مختلف القرى والبلدات للتواصل بشكل مستمر مع المجالس المدنية لإيصال كافة المشكلات التي يعاني منها الأهالي.