في الوقت الذي تُروج فيه القوات النظاميّة السورية لقرب نهاية المعارك في محافظة ديرالزور واستكمال سيطرتها على مراكز المدن يعاني آلاف المدنيين النازحين نتيجة المعارك والقصف الذي استهدف محافظة ديرالزور في النصف الثاني من العام 2017.
بدأ نزوح المدنيين من ديرالزور منذ شهر حزيران/يونيو 2012 بعد اقتحام المحافظة من قبل القوات النظامية السورية وبدء المعارك بينها وبين الفصائل المسلحة. حيث كان معظم النازحين من أحياء مدينة ديرالزور وتوجهوا في غالبيتهم إلى محافظتي الحسكة والرقة.
مع بدء القوات النظاميّة حملتها للسيطرة على المدن والبلدات جنوب نهر الفرات وحملة عاصفة الجزيرة التي أعلنتها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة، قُتل ونزح عشرات الآلاف من المدنيين. توزع نازحو المحافظة على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في محافظة الحسكة وبعض المناطق الخاضعة لسيطرتها في ريف ديرالزور والمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من قبل الحكومة التركيّة والتي تعرف بقوات درع الفرات في ريف حلب والمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة في ريف إدلب إضافة إلى مدينة دمشق.
يُقصد بالنازحين داخلياً وفق ما ورد في المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي الأشخاص أو جماعات الأشخاص الذين أكرهوا على الهرب أو على ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة أو اضطروا إلى ذلك، ولا سيما نتيجة أو سعياً لتفادي آثار نزاع مسلح أو حالات عنف عام الأثر أو انتهاكات حقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو كوارث من فعل البشر ولم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها للدولة.
“دمرت منازلنا ولم يبقى لنا شئ للعودة إليه” هذا ما قالته امرأة نازحة لمنظّمة العدالة من أجل الحياة خلال حديثها عن أسباب نزوحها مؤكّدة خشيتها من العودة إلى قريتها التي سيطرت عليها القوات النظاميّة السوريّة معبّرة عن خوفها من مساءلتها عن أقاربها المناهضين للسلطات السورية وخاصة بعد اعتقال إحدى قريباتها من قبل أجهزة الأمن السورية بعد عودتها إلى مناطق سيطرة القوات النظامية.
قال أحد النازحين من ناحية التبني غربي ديرالزور والتي أعادت القوات النظاميّة السيطرة عليها إن هذه القوات والمليشيات الموالية لها سرقت المنازل في الناحية ولم تبقِ شيئاً وحرقت عدداً من المنازل بعد إفراغها تماماً وهو ما أكّده مدنيون من الريف الشرقي لدير الزور.
ليس أمام آلاف المدنيين النازحين من مناطق سيطرة القوات النظامية سوى الانتظار والعمل على التآلف مع الوضع الجديد في مناطق النزوح خاصة أنهم لا يرون عودة قريبةً إلى مناطقهم.
لم تبذل السلطات السورية أي جهد لطمأنة الخارجين من المناطق التي أعادت السيطرة عليها بل على العكس قامت باعتقال الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين 18 و52 لإلحاقهم بالخدمة الإلزاميّة كما سمحت لعدد من الشباب بالعودة بعد أن التزموا بالالتحاق بالمليشيات التابعة للقوات النظاميّة.
تتعامل السلطات السوريّة مع النازحين القادمين من ديرالزور على أنّهم مشتبهون بالارتباط بتنظيم الدولة الإسلاميّة، حيث قامت القوى الأمنيّة السوريّة باعتقال مدنيين نازحين من محافظة ديرالزور إلى دمشق بدون معرفة التهم ولم يستطع ذويهم معرفة مكان اعتقالهم إلا بعد أشهر كما قامت هذه الأجهزة باعتقال مرضى قدموا من ديرالزور إلى دمشق بقصد العلاج.
أجبرت السلطات السورية موظفي الدوائر الحكوميّة النازحين في محافظات أخرى على العودة إلى المحافظة تحت تهديد الفصل، لم يتمكن العشرات منهم من العودة لأسباب تتعلق بعدم وجود منازل نتيجة تدميرها خلال الحرب وبعض الموظفات من النساء لم يستطعن العودة خوفاً على أنفسهم خاصة في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه مناطق سيطرة القوات النظاميّة في ديرالزور الأمر الذي أدى إلى فصلهم من العمل وحرمانهم من مرتباتهم التي يعتمدون عليها.
على الحكومة السوريّة الحفاظ على ممتلكات المدنيين وحمايتها ومحاسبة كل من أقدم على الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة في المناطق التي سيطرت عليها قواتها والمليشيات التابعة لها وأن تعمل على توفير الظروف الملائمة لتأمين عودة آمنة للنازحين، وأن لا يتعرض النازحون من محافظة ديرالزور إلى قيود إضافية والتأكيد على حقهم بالعيش في أي مكان في بلدهم. من جهة أخرى على المجلس المدني في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والمجالس المحلية في الشمال السوري وكافة المنظّمات الإنسانيّة العاملة في تلك المناطق أن تولي اهتماماً أكثر بالنازحين من محافظة ديرالزور وأن توفر لهم المساعدات الإغاثيّة والطبيّة الأساسيّة إلى أن يتمكّن النازحون من العودة إلى ديارهم.