شهادة خاصة بمحمد فياض العسكر والذي قامت القوى الأمنية السورية بإعدامه ميدانياً في مدينة ديرالزور في 2012
التقت منظمة العدالة من أجل الحياة بالسيد فياض فرحان العسكر بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2017 وهو والد محمد فياض العسكر والذي قامت القوى الأمنية السورية بإعدامه بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2012 وذلك بعد أن اقتحمت حيي الجورة والقصور في مدينة ديرالزور وارتكبت مجزرة راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين حيث تكلم فياض عن تفاصيل حادثة إعدام ولده.
حي القصور في مدينة ديرالزور
مقدمة
محمد فياض العسكر أو شمس الدير كما يلقبه أصدقاؤه شاب من ديرالزور من مواليد 1986 يحمل شهادة الهندسة الكهربائية من جامعة حلب، طالب ماجستير في الهندسة، ناشط مدني منذ أن كان طالباً في الجامعة، كان محمد من أوائل المشاركين في الحراك السلمي المناهض للسلطة في محافظة ديرالزور والذي انطلق في آذار 2011، عمل في مجال الإعلام والإغاثة حيث أعدّ تقاريراً إعلامية وكان يعمل على توزيع المساعدات المالية على المحتاجين بالتعاون مع نشطاء وأهالي المدينة، كما قام بتأسيس حركة شباب من سوريا سوريا(شمس) ومجلة طوق الياسمين ولم يغادر حي القصور إلى مناطق سيطرة الجيش الحر إلا يوم واحد عند دخول القوات النظامية إلى الحي وذلك خشية من اعتقاله كونه لم يؤدي الخدمة الإلزامية، ثم عاد بعدها إلى حي القصور.
صورة لمحمد فياض العسكر
الأوضاع الميدانية في ديرالزور عند اعتقال وإعدام محمد العسكر
تمركزت القوات الحكومية ومنها الحرس الجمهوري في معسكر الطلائع، والتي يقدر عددها بالآلاف، وساند هذه القوات عدد كبير من الآليات الثقيلة ( دبابات و مدرعات ومجنزرات وسيارات عسكرية ) وذلك استعداداً لاقتحام أحياء مدينة ديرالزور سواء الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة (الجيش الحر) أو تلك الخاضعة لسيطرة القوات النظامية حيث كان الهدف من اقتحام الأخيرة توجيه رسائل دموية للفصائل المسلحة وإسكات كل صوت معارض أو مطالب بالتغيير في ديرالزور، وهو ما أكده عدد كبير من الذين قابلتهم منظمة العدالة من أجل الحياة في تقرير الجريمة المنسية والذي تحدث عن المجزرة التي ارتكبت في حيي الجورة والقصور في أيلول/سبتمبر 2012.
اعتقال محمد
تحدّث فياض العسكر عن اقتحام القوات النظامية للمنزل الذي كانوا فيه حيث قال:” يقع منزلنا بالقرب من مساكن حوض الفرات في حي القصور في مدينة ديرالزور حيث قامت القوات النظامية بتفتيشه بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2012 وكان محمد قد توجه إلى حي الحميدية الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة (الجيش الحر) خوفاً من اعتقاله لأنّه لم يلتحق بالخدمة الإلزامية ولكنه عاد في اليوم التالي وذلك بسبب شدة القصف من قبل القوات النظامية على الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات المعارضة (الجيش الحر)”. يكمل فياض العسكر:”بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2012 توجهنا صباحاً إلى منزل جار لنا بالقرب من مدرسة حسان العطرة في حي القصور تم تفتيشه سابقاً، بعد حوالي ربع ساعة من دخولنا إلى المنزل اقتحمه مجموعة من عناصر الجيش السوري ومعهم مجموعة أشخاص يرتدون زيّاً مدنيّاً وتبين لي فيما بعد أنهم تابعين للأمن العسكري، قام هؤلاء العناصر باعتقال الشباب وعددهم 3 وضربوهم وشتموهم، وجبروا الرجال الكبار على الاستلقاء على الأرض وقام أحد عناصر الجيش بإشعال النار بكلابيتي فقمت بإطفائها فعاد وأشعلها مرة أخرى فأطفأتها ولم أصب بأذى وأخذوا من جيبي عنوة مبلغ 82 ألف ليرة سورية كان مخصصاً لشراء حليب للأطفال، ثم قاموا بوضع النساء في قبو المنزل، ضربني عناصر الجيش بقوة مفرطة فكسروا لي ضلعين ولم أعد أسمع بأذني اليمنى نتيجة الضرب”.
قتل الشباب المعتقلين
يقول فياض العسكر أنّه لا يعرف لماذا قامت القوات النظامية بتفتيش منزل تم تفتيشه واقتحموه بعد 15 دقيقة من دخولنا إليه ويرجح فياض أنّ أحداً أعطى معلومة لعناصر الجيش والقوى الأمنية بوجودي مع ابني محمد وشباب آخرين في المنزل.
يقول فياض العسكر في شهادته لمنظمة العدالة:” حوالي الساعة 6 مساء وبعد أن غادرت القوات النظامية الحارة خرجنا من المنزل فوجدت 2 من الشباب الذين تم اعتقالهم من المنزل الذي كنت فيه وهما الأخوين أحمد وأمجد درويش قتيلين بعد أن أطلق عليها النار، وثم رأيت جثة ولدي محمد ملقاة بعد ان أطلق عليه النار أيضاً”. يرجح فياض العسكر أنّ عناصر الأمن العسكري وبعد أن اعتقلوا محمد ووضعوه في السيارة التابعة لهم قاموا بقتله وإلقائه في الشارع حيث يقول: “قال لي أحد عناصر الجيش الذين اقتحموا المنزل ان ابني اعتقله الأمن العسكري، وعلى ما يبدو أنّهم قاموا بإطلاق النار عليه وألقوه من السيارة”.
عملية الدفن لم تكن ميسّرة
يقول فياض عن ظروف دفن ولده والشباب الذين قتلوا معه:” كنا ننوي دفنهم في حديقة البعاج ولكننا لم نستطع بسبب وجود قناص تابع للقوات النظامية يستهدف من يتحرك فقررنا دفنهم في حديقة بجانب مساكن حوض الفرات حيث دفنّا الشباب الثلاثة في قبر واحد بعد أن قمنا بتغسيلهم والصلاة عليهم وتم ذلك حوالي الساعة 10 مساء، قمت بنقل ولدي إلى مكان الدفن على عربة لنقل الخضار حيث رفض الشخص الذي قام بالدفن وضع شاهدة باسم الضحايا على القبر حيث قال لنا أن الامن العسكري منعوه من ذلك، فقام أصدقاء محمد بوضع شاهد على قبره بعد فترة”.
حديقة البعاج ومساكن حوض الفرات –حي القصور-مدينة ديرالزور
يكمل فياض العسكر:” طلب مني رئيس بلدية ديرالزور نقل القبر إلى المقابر الرسمية والتي تقع مقابل فرع الأمن الجنائي بالقرب من الجامعة على طريق ديرالزور-دمشق إلا أنّني رفضت وذلك لأنّني لا أعرف شيء عن المقبرة التي يريدون نقل القبور إليها”.
القبر الذي دفن فيه محمد فياض العسكر في مساكن حوض الفرات
اعتقلوني بسبب شهادة وفاة محمد
يقول فياض العسكر أنّه بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر 2012 أقام بيت عزاء لولده في منطقة المسطاحة في قرية معدان عتيق في ريف ديرالزور الغربي والتي كانت تابعة في حينها لفصائل المعارضة المسلحة (الجيش الحر)، حيث قام عناصر من الأمن العسكري بمداهمة منزله في مدينة ديرالزور خلال أيام العزاء ولكن لم يتعرض له أحد بعد عودته إلى منزله، إلا أنّهم قاموا باعتقاله بعد الحادثة بحوالي سنتين حيث يقول فياض العسكر:” في بداية عام 2015 ذهبت لإخراج شهادة وفاة لولدي محمد، وبينت في الشهادة أنّ سبب الوفاة هو إطلاق نار مجهول المصدر وفي حال معرفة الفاعل انصب نفسي مدّعياً عليه، وكانت شهادة الوفاة على أساس ضبط الشرطة الذي ورد فيه أنّ محمد توفي نتيجة طلق ناري مجهول “،يكمل فياض العسكر: “على إثر شهادة الوفاة تم اعتقالي من قبل فرع الأمن السياسي في ديرالزور، حيث تم سؤالي أثناء التحقيق لماذا لم أسجل في شهادة الوفاة أنّ ولدي إرهابي، لم أتعرض للضرب أثناء الاعتقال وبقيت مدة 37 يوم في فرع الامن السياسي ثم تم نقلي الى السجن المدني في ديرالزور لمدة 10 أيام حيث تم عرضي على المحاكمة بتهمة إعطاء الدولة معلومات كاذبة، وحصلت على البراءة بعد الاستئناف”.
المقابلة التي أجرتها منظمة العدالة من أجل الحياة مع السيد فياض فرحان العسكر والد محمد فياض العسكر